الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              93 [ 51 ] وعن أبي ذر ; أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ليس من رجل ادعى لغير أبيه - وهو يعلمه - إلا كفر ، ومن ادعى ما ليس له ، فليس منا ، وليتبوأ مقعده من النار ، ومن دعا رجلا بالكفر ، أو قال : عدو الله وليس كذلك ، إلا حار عليه .

                                                                                              رواه أحمد ( 5 \ 166 ) ، والبخاري ( 3508 ) ، ومسلم ( 61 ) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : " ليس من رجل ادعى لغير أبيه ، وهو يعلمه ، إلا كفر ") أي : انتسب لغير أبيه رغبة عنه مع علمه به . وهذا إنما يفعله أهل الجفاء والجهل والكبر ; لخسة منصب الأب ودناءته ; فيرى الانتساب إليه عارا ونقصا في حقه . ولا شك في أن هذا محرم معلوم التحريم ، فمن فعل ذلك مستحلا ، فهو كافر حقيقة ، فيبقى الحديث على ظاهره .

                                                                                              وأما إن كان غير مستحل ، فيكون الكفر الذي في الحديث محمولا على كفران النعم والحقوق ; فإنه قابل الإحسان بالإساءة ، ومن كان كذلك ، صدق عليه اسم الكافر ، وعلى فعله أنه كفر ; لغة وشرعا على ما قررناه ، ويحتمل أن يقال : أطلق عليه ذلك ; لأنه تشبه بالكفار أهل الجاهلية ، أهل الكبر والأنفة ; فإنهم كانوا يفعلون ذلك ، والله تعالى أعلم .

                                                                                              و (قوله : " من ادعى ما ليس له ، فليس منا ") ظاهره : التبري المطلق ، فيبقى على ظاهره في حق المستحل لذلك ; على ما تقدم . ويتأول في حق غير المستحل بأنه ليس على طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا على طريقة أهل دينه ; فإن ذلك ظلم ، وطريقة أهل الدين : العدل ، وترك الظلم ، ويكون هذا كما قال : ليس منا من ضرب الخدود ، وشق الجيوب ، ويقرب منه : من لم يأخذ من شاربه ، فليس منا .




                                                                                              الخدمات العلمية