5328 [ 2201 ] وعن قال: عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصار قبل أن يهلكوا، وكان أول من لقينا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه غلام له، معه ضمامة من صحف، وعلى أبا اليسر أبي اليسر بردة ومعافري، وعلى غلامه بردة ومعافري، فقال له أبي: يا عم، إني أرى في وجهك سفعة من غضب، قال: أجل، كان لي على فلان ابن فلان الحرامي مال، فأتيت أهله فسلمت فقلت: ثم هو؟ قالوا: لا. فخرج علي ابن له جفر، فقلت له: أين أبوك؟ قال: سمع صوتك فدخل أريكة أمي. فقلت: اخرج إلي، فقد علمت أين أنت. فخرج، فقلت: ما حملك على أن اختبأت مني؟ قال: أنا ! والله أحدثك، ثم لا أكذبك، خشيت والله أن أحدثك فأكذبك، وأن أعدك فأخلفك، وكنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت والله معسرا. قال قلت: آلله؟ قال: الله. قلت: آلله؟ قال: الله. قلت: آلله؟ قال: الله. قال: فأتى بصحيفته فمحاها بيده، فقال: إن وجدت قضاء فاقضني، وإلا فأنت في حل. فأشهد بصر عيني هاتين، - ووضع إصبعيه على عينيه - وسمع أذني هاتين، ووعاه قلبي - وأشار إلى نياط قلبه - رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " من أنظر مسلما أو وضع عنه، أظله الله في ظله".
قال فقلت له أنا: يا عم، لو أنك أخذت بردة غلامك وأعطيته معافريك، وأخذت معافريه وأعطيته بردتك، فكانت عليك حلة وعليه حلة. فمسح رأسي وقال: اللهم بارك فيه، يا ابن أخي، بصر عيني هاتين، وسمع أذني هاتين، ووعاه قلبي هذا - وأشار إلى نياط قلبه - رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "أطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون". وكان أن أعطيته من متاع الدنيا أهون علي من أن يأخذ من حسناتي يوم القيامة.
ثم مضينا حتى أتينا في مسجده وهو يصلي في ثوب واحد مشتملا به، فتخطيت القوم حتى جلست بينه وبين القبلة، فقلت: يرحمك الله، أتصلي في ثوب واحد ورداؤك إلى جنبك؟ قال: فقال بيده في صدري: هكذا، وفرق بين أصابعه وقوسها: أردت أن يدخل علي الأحمق مثلك فيراني كيف أصنع فيصنع مثله، أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا هذا، وفي يده عرجون ابن طاب، فرأى في قبلة المسجد نخامة فحكها بالعرجون، ثم أقبل علينا فقال: أيكم يحب أن يعرض الله عنه؟. قال: فخشعنا، قال: أيكم يحب أن يعرض الله عنه؟ قال: فخشعنا، ثم قال: أيكم يحب أن يعرض الله عنه؟. قلنا: لا أينا يا رسول الله. قال: فإن أحدكم إذا قام يصلي، فإن الله تبارك وتعالى قبل وجهه، فلا يبصقن قبل وجهه، ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره تحت رجله اليسرى، فإن عجلت به بادرة فليقل بثوبه هكذا، ثم طوى ثوبه بعضه على بعض. فقال: أروني عبيرا. ثار الفتى من الحي يشتد إلى أهله، فجاء بخلوق في راحته، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله على رأس العرجون، ثم لطخ به على أثر النخامة. فقال جابر بن عبد الله فمن هناك جعلتم الخلوق في مساجدكم. جابر:
وسرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بطن بواط وهو يطلب المجدي بن عمرو الجهني، وكان الناضح يعتقبه منا الخمسة والستة والسبعة، فدارت عقبة رجل من الأنصار على ناضح له، فأناخه فركبه، ثم بعثه فتلدن عليه بعض التلدن، فقال له: شأ، لعنك الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من هذا اللاعن بعيره؟ ". قال: أنا يا رسول الله. قال: "انزل عنه، فلا يصحبنا ملعون، لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم".
وسرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان عشيشية، ودنونا ماء من مياه العرب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رجل يتقدمنا فيمدر الحوض، فيشرب ويسقينا؟ ". قال فقمت فقلت: هذا رجل يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي رجل مع جابر: فقام جابر؟ ". جبار بن صخر، فانطلقنا إلى البئر فنزعنا في الحوض سجلا أو سجلين، ثم مدرناه، ثم نزعنا فيه حتى أفهقناه، فكان أول طالع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أتأذنان؟ ". قلنا: نعم يا رسول الله. فأشرع ناقته فشربت، شنق لها، فشجت فبالت، ثم عدل بها فأناخها، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحوض فتوضأ منه، ثم قمت فتوضأت من متوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب جبار بن صخر يقضي حاجته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي، وكانت علي بردة فذهبت أخالف بين طرفيها فلم تبلغ لي، وكانت لها ذباذب فنكستها، ثم خالفت بين طرفيها، ثم تواقصت عليها، ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي، فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدينا جميعا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقني وأنا لا أشعر، ثم فطنت به، فقال: هكذا بيده، يعني شد وسطك، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا قلت: لبيك يا رسول الله. قال: "إذا كان واسعا فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقا فاشدده على حقوك". جابر".
سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قوت كل رجل منا في كل يوم تمرة، فكان يمصها ثم يصرها في ثوبه، وكنا نختبط بقسينا ونأكل حتى قرحت أشداقنا، فأقسم خطئها رجل منا يوما، فانطلقنا به ننعشه، فشهدنا له أنه لم يعطها، فأعطيها، فقام فأخذها.
سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا واديا أفيح، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته، فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير شيئا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها فقال: "انقادي علي بإذن الله". فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها فقال: "انقادي علي بإذن الله". فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما، لأم بينهما، يعني جمعهما، فقال: "التئما علي بإذن الله". فالتأمتا.
قال فخرجت أحضر مخافة أن يحس رسول الله صلى الله عليه وسلم بقربي فيبتعد. فجلست أحدث نفسي، فحانت مني لفتة، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف وقفة، فقال برأسه هكذا - وأشار ابن إسماعيل برأسه يمينا وشمالا - ثم أقبل فلما انتهى إلي قال: "يا جابر: هل رأيت مقامي؟ ". قلت: نعم يا رسول الله. قال: "فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كل واحدة منهما غصنا، فأقبل بهما حتى إذا قمت مقامي، فأرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك". جابر،
قال فقمت فأخذت حجرا فكسرته وحشرته فانذلق لي، فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا، ثم أقبلت بهما أجرهما حتى قمت مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري، ثم لحقته فقلت: قد فعلت يا رسول الله، فعم ذاك؟ قال: "إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت بشفاعتي أن يرفه عنهما، ما دام الغصنان رطبين". جابر:
قال: فأتينا العسكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا ناد بوضوء". فقلت: ألا وضوء؟ ألا وضوء؟ ألا وضوء؟ قال: قلت: يا رسول الله، ما وجدت في الركب من قطرة. وكان رجل من جابر، الأنصار يبرد لرسول الله صلى الله عليه وسلم الماء في أشجاب له على حمارة من جريد، قال فقال لي: انطلق إلى فلان بن فلان الأنصاري، فانظر هل في أشجابه من شيء؟ قال: فانطلقت إليه فنظرت فيها، فلم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها، لو أني أفرغه لشربه يابسه. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إني لم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها، لو أني أفرغه لشربه يابسه. قال: اذهب فائتني به. فأتيته به، فأخذه بيده فجعل يتكلم بشيء لا أدري ما هو، ويغمزه بيديه، ثم أعطانيه فقال: "يا ناد بجفنة". فقلت: يا جفنة الركب، فأتيت بها تحمل، فوضعتها بين يديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده في الجفنة: هكذا، فبسطها، وفرق بين أصابعه، ثم وضعها في قعر الجفنة، وقال: "خذ يا جابر، فصب علي وقل باسم الله". فصببت عليه وقلت: باسم الله، فرأيت الماء يفور من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم فارت الجفنة ودارت حتى امتلأت، فقال: "يا جابر ناد من كان له حاجة بماء". قال: فأتى الناس فاستقوا حتى رووا. قال فقلت: هل بقي أحد له حاجة؟ فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الجفنة وهي ملأى. جابر،
وشكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع، فقال: "عسى الله أن يطعمكم". فأتينا سيف البحر، فزخر البحر زخرة، فألقى دابة، فأورينا على شقها النار، فاطبخنا واشتوينا، وأكلنا حتى شبعنا. قال فدخلت أنا وفلان وفلان، حتى عد خمسة في حجاج عينها، ما يرانا أحد حتى خرجنا، فأخذنا ضلعا من أضلاعه فقوسناه، ثم دعونا بأعظم رجل في الركب، وأعظم جمل في الركب، وأعظم كفل في الركب، فدخل تحته ما يطأطئ رأسه. جابر: خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من
رواه (3006-3014).
مسلم