الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
و ( قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في nindex.php?page=treesubj&link=33624_28975_33309قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف [ النساء : 6 ] أنزلت في والي اليتيم ) ، فعلى هذا : المراد بها أولياء الأيتام ، وهو قول الجمهور . وقال بعضهم : المراد به اليتيم ; إن كان غنيا وسع عليه وأعف من ماله ، وإن كان فقيرا أنفق عليه بقدره ، وهذا في غاية البعد ; لأن اليتيم لا يخاطب بالتصرف في ماله لصغره ولسفهه ، ولأنه إنما يأكل من ماله بالمعروف على الحالين ، فيضيع التنويع والتقسيم المذكور في الآية ، وعلى قول الجمهور فالولي الغني لا يأخذ من مال يتيمه شيئا ولا يستحق على قيامه عليه أجرا دنيويا ; بل ثوابا أخرويا . وأما الفقير فاختلف فيه هل يأخذ من مال يتيمه شيئا أم لا ؟ فذهب nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم إلى أنه لا يأخذ منه شيئا وإن كان فقيرا ، وحكي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بناء على أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما الآية [ النساء : 10 ] ، وقيل : بقوله nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل [ البقرة : 188 ]
قلت : وهذا لا يصح النسخ فيه لعدم شرطه ; إذ الجمع ممكن ، إذ الأخذ الذي أباحه الله تعالى ليس ظلما ولا أكل مال بالباطل فلم تتناوله الآيتان ، وهذا هو القول بالموجب . وذهب جمهور المجوزين إلى إباحة الأخذ ، لكنهم اختلفوا [ ص: 332 ] في القدر المأخوذ وفي قضاء المأخوذ وفي وجه الأخذ ; فروي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - أنه قال : إن أكلت قضيت . وبه قال عبيدة السلماني nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية ، وهو أحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وعكرمة ، وقال من عدا هؤلاء : إن له الأخذ ولا قضاء عليه ، لكنهم اختلفوا في وجه الأخذ ، فذهب nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء إلى أنه يأخذ بقدر الحاجة ، وقال الضحاك : يضارب بماله ويأكل من ربحه . الحسن : يسد الجوعة ويستر العورة . nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : من التمر واللبن . وقد روي هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - فقال : يأكل ويشرب ويركب الظهر غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب . قال nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي : وعليه مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
قلت : والصحيح من هذه الأقوال - إن شاء الله - أن nindex.php?page=treesubj&link=33309مال اليتيم إن كان كثيرا يحتاج إلى كثير قيام عليه بحيث يشغل الولي عن حاجاته ومهماته فرض له فيه أجرة عمله ، وإن كان قليلا مما لا يشغله عن حاجاته فلا يأكل منه شيئا ، غير أنه يستحب له شرب قليل اللبن وأكل القليل من الطعام والتمر غير مضر به ولا مستكثر له ، بل ما جرت به العادة بالمسامحة فيه . وما ذكرته من الأجرة ونيل القليل من الثمر واللبن كل واحد منهما معروف ، فصلح حمل الآية على ذلك ، والله أعلم .