السادسة : } ، و { إنما الماء من الماء } إنما الشفعة فيما لم يقسم ، و { قوله عليه السلام : { } ، و { إنما الولاء لمن أعتق } ، و { إنما الربا في النسيئة } ، وهذا قد أصر أصحاب إنما الأعمال بالنيات ، وبعض المنكرين للمفهوم على إنكاره ، وقالوا : إنه إثبات فقط ، ولا يدل على الحصر ، وأقر أبي حنيفة بأنه ظاهر في الحصر محتمل للتأكيد إذ قوله تعالى : { القاضي إنما الله إله واحد } ، و { إنما يخشى الله من عباده العلماء } يشعر بالحصر ، ولكن قد يقول : إنما النبي محمد ، وإنما العالم في البلد زيد يريد به الكمال ، والتأكيد ، وهذا هو المختار عندنا أيضا ، ولكن خصص هذا بقوله : " إنما " ، ولم يطرده في قوله : { القاضي } ، و { الأعمال بالنيات } ، و { الشفعة فيما لم يقسم } ، والعالم في البلد زيد ، وعندنا أن هذا يلحق بقوله " إنما " ، وإن كان دونه في القوة لكنه ظاهر في الحصر أيضا ، فإنا ندرك التفرقة بين قول القائل زيد صديقي ، وبين قوله ; صديقي زيد ، وبين قوله زيد عالم ، وبين قوله : العالم زيد . تحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم
وهذا التحقيق ، وهو أن الخبر لا يجوز أن يكون أخص من المبتدإ بل ينبغي أن يكون أعم منه أو مساويا له ، فلا يجوز أن تقول : الحيوان إنسان ، ويجوز أن تقول الإنسان حيوان ; فإذا جعل زيدا مبتدأ ، وقال زيد صديقي ، جاز أن تكون الصداقة [ ص: 272 ] أعم من زيد ، وزيد أخص من الصديق ; ; لأن المبتدأ يجوز أن يكون أخص من الخبر ، أما إذا جعل الصديق مبتدأ فقال : صديقي زيد ، فلو كان له صديق آخر كان المبتدأ أعم من الخبر ، والخبر أخص ، وكان كقوله : اللون سواد ، والحيوان إنسان ، وذلك ممتنع ، وإن كان عكسه جائزا . فإن قيل : يجوز أن يقول : صديقي زيد ، وعمرو أيضا ، والولاء لمن أعتق ولمن كاتب ولمن باع بشرط العتق ، ولو كان للحصر لكان هذا نقضا له .
قلنا : هو للحصر بشرط أن لا يقترن به قبل الفراغ من الكلام ما يغيره ، كما أن العشرة لمعناها بشرط أن لا يتصل بها الاستثناء ، وقوله : { اقتلوا المشركين } ظاهر في الجميع بشرط أن لا يقول إلا زيدا .