الرتبة الثامنة : لا عالم في البلد إلا زيد ، وهذا قد أنكره غلاة منكري المفهوم ، وقالوا : هذا نطق بالمستثنى عنه ، وسكوت عن المستثنى ، فما خرج بقوله " إلا " فمعناه أنه لم يدخل في الكلام فصار الكلام مقصورا على الباقي ، وهذا ظاهر البطلان ; لأن هذا صريح في النفي ، والإثبات ، فمن قال : " لا إله إلا الله " لم يقتصر على النفي بل أثبت لله تعالى الألوهية ، ونفاها عن غيره ، ومن قال : لا عالم إلا زيد ، ولا فتى إلا علي ، ولا سيف إلا ذو الفقار ، فقد نفى ، وأثبت قطعا ، وليس كذلك قوله : { } ، و { لا صلاة إلا بطهور } ، و { لا نكاح إلا بولي } هذا صيغة الشرط ، ومقتضاها نفي المنفي عند انتفاء الشرط فليس منطوقا به بل تفسد الصلاة مع الطهارة لسبب آخر ، وكذلك النكاح مع الولي ، والبيع مع المساواة ، وهذا على وفق قاعدة المفهوم فإن لا تبيعوا البر بالبر إلا سواء بسواء بل يبقى على ما كان قبل النطق ، وكذلك نفيه عند انتفاء شيء لا يدل على [ ص: 273 ] إثباته عند ثبوت ذلك الشيء بل يبقى على ما كان قبل النطق ، ويكون المنطوق به النفي عند الانتفاء فقط ، بخلاف قوله : " لا إله إلا الله " ، ولا عالم إلا زيد ; لأنه إثبات ورد على النفي ، والاستثناء من النفي إثبات ، ومن الإثبات نفي . إثبات الحكم عند ثبوت وصف لا يدل على إبطاله عند انتفائه
وقوله : { } ليس فيه تعرض للطهارة بل للصلاة فقط ، وقوله : { لا صلاة } ليس إثباتا للصلاة بل للطهور الذي لم يتعرض له في الكلام فلا يفهم منه إلا الشرط إلا بطهور