[ التنبيه ] الثاني [ ] الوجوب يطلق تارة بمعنى الثبوت في الذمة وهو شائع في إطلاق الفقهاء ، وتارة بمعنى وجوب الأداء ، وهو اصطلاح المتكلمين . فالواجب أقسام : أحدها : ما يثبت في الذمة ، ويطالب بأدائه كالدين على الموسر ونحوه . وثانيها : ما يثبت في الذمة ، ولا يطالب بأدائه ، كالزكاة بعد الحول وقبل التمكن . الثالث : ما لا يثبت في الذمة ، ولكن يجب أداؤه كقول أصحابنا : إن أقسام الواجب لا تتوجه عليهم بل على الجاني نفسه . الدعوى بالدية المأخوذة من العاقلة
ثم هم يدفعونها بعد ثبوتها كذا قاله ابن القاص في كتاب أدب القضاء " في باب صفة اليمين على البت ، وفي كلام الرافعي ما يؤيده ، وكقول أبي إسحاق في لا يضمن حتى يطالب بها المالك ، وقد يجيء خلافه في القسم الثاني ، أعني هل يثبت الوجوب مع عسر الأداء أو يشترط له إمكان الأداء ؟ من الخلاف في زكاة الثمر أنها تجب ببدو الصلاح مع أن الأداء إنما يكون عند الجفاف . [ ص: 238 ] وحكى صاحب التقريب " قولا اللقطة : إذا تلفت : أنها لا تجب إلا بالجفاف ، وزعم أن وجوب الزكاة في وقت وجوب تأديتها ، ولا يتقدم على الأمر بالأداء ، وهو يشبه القول بأن الإمكان من شرائط الرجوب ، والمذهب : الأول ، فإنه لا ينكر بثبوت الوجوب مع عسر الأداء ، كما في الديون المؤجلة . للشافعي
وجزم الأصحاب بأن إمكان الأداء شرط في وجوب الصلاة والصوم والحج ، وأما في الزكاة ففيها قولان : أحدهما : كذلك ، وأصحهما : أنه ليس من شرائط الوجوب بل الضمان ، قال في البسيط " : ووجوب الحق في الذمة يتميز عن أدائه ، وإخراجه ، فوجوب الأداء متوقف على الإمكان ، أما ثبوت الوجوب في الذمة فينبني على السبب وقد جرى .