لا فرق عندنا بين ، ولا معنى للوجوب بدون وجوب الأداء ، فإن معناه الإتيان بالفعل المتناول للأداء والقضاء والإعادة . وأما الحنفية فذهب بعضهم إلى أنه لا فرق بينهما في العبادات البدنية ، وذهب جمهورهم إلى التفرقة . وقالوا : الوجوب شغل الذمة بالملزوم ، وأنه يتوقف على الأهلية ووجود السبب ، ووجوب الأداء لزوم تفريغ الذمة [ ص: 239 ] عن الواجب بواسطة الأداء ، وأنه يتوقف على الأهلية والسبب والخطاب واستطاعة سلامة الأسباب مع توهم الاستطاعة الحقيقية ، وأنها مقارنة للفعل عند الوجوب ، ووجوب الأداء أهل السنة خلافا للمعتزلة .
تنبيه : قال القرافي : ليس كل واجب يثاب على فعله ، ولا كل محرم يثاب على تركه . أما الأول : فكنفقة الزوجات والأقارب ورد المغصوب والودائع فكلها واجبة ، وإذا فعلها الإنسان غافلا عن امتثال أمر الله تعالى فيها وقعت واجبة مجزئة ، ولا يثاب ، وأما الثاني : فلأن المحرمات تخرج الإنسان عن عهدتها بمجرد تركها ، وإن لم يشعر فضلا عن القصد إليها حتى ينوي امتثال أمر الله تعالى فيها فلا ثواب حينئذ . نعم متى اقترن قصد الامتثال في الجميع حصل الثواب . انتهى . وظاهره تقسيم الواجب إلى ما يثاب عليه ، وإلى ما ينتفي عنه الثواب ، وكذا الحرام ، وفيه نظر ، والتحقيق : أن الواجب هو المأمور به جزما ، وشرط ترتب الثواب نية التقرب فيه . راجع إلى وجود الثواب ، وعدمه ذهول النية ، لا أن الواجب والحرام منقسمان في أنفسهما . فترتب الثواب وعدمه في فعل الواجب وترك الحرام وعدمه