وقال في كتاب الربا في تعليقه : اختلف قول ابن أبي هريرة في مرسل الشافعي ، وكان في القديم يقول به ، وفي الجديد يحسنه ويقوي به ما دل عليه الأصول ، وإنما قال به في القديم ; لأن عامة مراسيله إذا تتبع وجد متصلا . انتهى . وقال ابن المسيب في كتابه : لا يقبل المرسل ، وقد قال ابن فورك في القديم : إن إرسال الشافعي حسن ; لأنه كشف عن حديثه ، فوجده متصلا ، فاكتفى عن طلب كل حديث بعد فراغه من الجملة ، ويتقوى به أحد الخبرين لا محالة ، ثم قال : واعتمد ابن المسيب في ذلك على أن المسكوت عنه يجوز أن يكون عدلا ، وأن لا يكون إلى آخره ، فاقتضى كلامه أنه لا خلاف عنده في الجديد في رده مطلقا ، وأنه في القديم استثنى الشافعي سعيدا وفيه ما سبق .
وقال ابن السمعاني : وأما مرسل سعيد ، فإن قال به في كتبه القديمة ، ولم يرد به تخصيص الشافعي دون غيره من مذهبه مذهب ابن المسيب في ذلك ، لكن ظهر ابن المسيب مذهب للشافعي أنه لم يرسل حديثا ليس له أصل في المتصل ، ولم يظهر له مثل هذا في غيره ، فإن عرف هذا في مرسل غيره كمرسل ابن المسيب ، عطاء والحسن ، والنخعي ، ومكحول ، كان الكلام فيهم كذلك . وقال الخفاف في كتاب الخصال " : لا يجوز عندنا إلا في صورتين : [ ص: 362 ] إحداهما : أن قبول المرسل ، فذلك والمسند سواء . والثاني : التابعي إذا أرسل وسمى ، فإن كان معروفا أن لا يروي إلا عن صحابي مثل يروي الصحابي عن صحابي ، ولا يسميه ، فإرساله وإسناده في ذلك سواء . انتهى . سعيد بن المسيب
وهذا معنى آخر في قبول مرسل سعيد ونحوه . وقال في شرح التلخيص " : من أصحابنا من جعل المسألة على قولين ، وليس يغني ، والصحيح أنه لا فرق بين مرسل الشيخ أبو علي السنجي سعيد وغيره في أنه لا يحتج به أبدا ، وفي الموضع الذي جعله ، أراد به في ترجيح أحد الدليلين على الآخر . انتهى . وقال أبو الحسين بن القطان في كتابه : المرسل لا يحتج به ، وقد قال في القديم : وإرسال الشافعي عندنا حسن ، وأخذ بذلك في الجديد في مسائل معدودة ، منها بيع اللحم بالحيوان ، ومعنى قوله عندنا : " إرساله حسن " ، أنه تتبع أخباره كلها ، فوجدها أو أكثرها متصلة ، فاكتفى بذلك عن تطلب كل حديث بعد مراده من الجملة ، لا أنه أراد بذلك تخصيصه عن سائر المراسيل . انتهى . ابن المسيب
وقال في كتابه : قد كان القفال الشاشي في القديم يستحسن إرسال الشافعي سعيد ، وكأنه ذهب - والله أعلم - إلى أن عامة مراسيله إذا انعقدت وجد لها في الروايات الموصولة أصل ، وإنا لم نعلم أحدا من الضعفاء أرسل عنه ، ولا روى عنه ، بل جملة رواياته عن الصحابة والثقات ، من أهل النقل . قال : وقد ذكر في الرسالة الجديدة " أن الحديث يعتبر بأمور : منها : أن ينظر إلى ما أرسل فإن شركه فيه الحفاظ المأمونون ، فأسند [ ص: 363 ] قوله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل معنى ما روى كان في ذلك ما يسند . ومنها : ما يؤخذ عن بعض الصحابة من قولهم وما يوافق الخبر المرسل . ومنها : أن يكون إذا سمى من روى عنه ، لم يسم مجهولا ، ولا مرغوبا عنه في الرواية . ومنها : أن يكون إذا أشرك أحدا من الحفاظ في حديثه لم يخالفه . ثم قال بعد ذكر هذه الشرائط : وإذا وجدت الدلائل بصحة حديثه بما وصفت أحببنا أن يقبل مرسله ، ولا نزعم أن الحجة ثبتت ثبوتها بالمتصل . الشافعي
وقال : فأما من بعد كبار التابعين الذين كثرت مشاهدتهم لبعض الصحابة ، فلا أعلم منهم واحدا يقبل مرسله ، وقد ذكر فيه من الشرائط ما ذكر .