وقال ابن برهان في الوجيز " : نقل إذا انعقد الإجماع ، وكان دليله مجهولا [ ص: 405 ] عند أهل العصر الثاني ، ووجدنا خبر واحد فهل يجب أن يكون الخبر مستنده أم لا ؟ أنه قال : لا بد أن يكون ذلك الخبر مستندا للإجماع ، وخالف في ذلك الأصوليون . ا هـ . وإنما قيد المسألة بخبر الواحد ; لأنه إذا كان الخبر متواترا فهو مستندهم بلا خلاف ، كما قال الشافعي ، كما يجب عليهم العمل بموجب النص . قال : وإنما الخلاف في خبر الآحاد ، وهو ثلاثة أقسام : أن يعلم ظهوره بينهم والعمل بموجبه لأجله ، أو يعلم ظهوره بينهم والعمل بموجبه ولا يعلم أنهم عملوا لأجله ، أو لا يكون ظاهرا ، بل عملوا بما تضمنه . ففي القسم الثاني ثلاثة مذاهب ، ثالثها : إن كان على خلاف القياس فهو مستندهم ، وأما الثالث فلا يدل على أنهم عملوا من أجله ، وهل يدل إجماعهم على موجبه على صحته ؟ فيه خلاف . انتهى . القاضي عبد الوهاب
وقال إلكيا : ، كان هو مستند الحكم ، ونحن إنما نتلقى الحكم من الإجماع إذا لم نر مستندا مقطوعا به ، فأما إذا ظهر أن مستند الإجماع نص قال : فيه تفصيل ، وهو إن عملوا بما عملوا ، وحكموا مستندين إلى الخبر مصرحين بالمستند ، فلا شك ، وإن لم يظهر ذلك ، إذا أجمعت الأمة على موجب الخبر المروي من خبر الواحد ، فهل يدل القطعي على أن إجماعهم كان لأجله أم لا ؟ ( رحمه الله ) يقول في مواضع من كتبه : إن إجماعهم يصرف إلى الخبر ، وبه قال فالشافعي ، وزاد عليه فقال : أبو هاشم ، فالظاهر أنهم أجمعوا عليه بخبر المساقاة ، ولكن اشتهر الإجماع في [ ص: 406 ] القراض ; لعموم البلوى به ، دون المساقاة . وذهب غيرهما إلى أنه يجوز أن يكون إجماعهم لأجل الاجتهاد ، أو لأجل خبر آخر لم ينقل ، ويبعد كل ذلك ليس خرقا للعادة ، وهذا لا دافع له إلا أن يقال : لا يجوز أن يجمعوا لأجل خبر ، ثم لا ينقل ما أجمعوا عليه ، وهذا لا يمشي إذ يمكن أن يقال : إجماعهم أعني نقل ما له أجمعوا . ا هـ . وما نقلاه عن أجمعت الصحابة على القراض ، ولا خبر فيه ، نقله في المحصول " عن الشافعي أبي عبد الله البصري ، وخالفه ، والظاهر أن المراد أن ذلك على سبيل الظن الغالب ، لا أنه عنه حقيقة . وقال ابن برهان في الأوسط " : الخلاف لفظي لا فائدة له ; لأن الإجماع ينعقد عن الدليل القطعي والظني . قلت : ولها نظائر . منها أن ; لإمكان أن يكون ذلك منه احتياطا أو لدليل آخر وافق ذلك الخبر ، وكذلك مخالفته للحديث ليست قدحا منه في صحته ، وقد سبق الخلاف فيها . ومنها عمل العالم أو فتياه على وفق حديث لا يكون حكما منه بصحة ذلك الحديث ، وقد سبقت في باب الأخبار . الإجماع على وفق خبر لا يدل على صدقه
ومنها أن ، لم يسمع منه ; لأن الأحكام لا بد لها من علة ، وقد وجدت علة مناسبة ، فليضف [ ص: 407 ] الحكم إليها ، إذ الأصل عدم ما سواها ، وهذا بخلاف المسألتين السابقتين . وقد يفرق بينهما بأن المجتهد إذا علل حكم الأصل بعلة مناسبة ، وألحق به الفرع ، فمنع الخصم كون العلة في الأصل هذه ، وقال : العلة غيرها ، والإضافة إلى الحديث من باب تكثير الدلائل لم يوجب أن يكون الإجماع عن ذلك الحديث ، إذ لا ضرورة تدعو إليه ، ولاحتمال أن يكون غيره ، بخلاف مسألة القياس ، فإنه لا ينتهض الإلحاق ما لم تثبت العلة ، فلهذا قلنا : إن الأصل كون الحكم مضافا إلى هذه العلة . المسألة التي قام فيها الإجماع قد قامت الحجة على العمل بها