[ ص: 422 ] مسألة [ العلماء المجتهدون الفسقة ، هل يعتبر قولهم في الإجماع ؟    ] في اعتبار الورع في أهل الإجماع خلاف ، فالفسقة بالفعل دون الاعتقاد إذا بلغوا في العلم مبلغ المجتهدين ، هل يعتبر وفاقهم أو خلافهم ؟ فيه وجهان ، حكاهما  الأستاذ أبو منصور  ، وذهب معظم الأصوليين كما قاله إمام الحرمين  وابن السمعاني  أنه لا يعتد بخلافهم ، وينعقد الإجماع بدونهم ، وقال  الرازي  من الحنفية : إنه الصحيح عندنا . قال ابن برهان    : وهو قول كافة الفقهاء والمتكلمين    . قال : ونقل عن شرذمة من المتكلمين ، منهم إمام الحرمين  إلى أن خلافه معتد به . قلت    : وجزم به  الشيخ أبو إسحاق الشيرازي  ، واختاره الغزالي  في المنخول " ; لأن المعصية لا تزيل اسم الإيمان ، فيكون قول من عداهم قول بعض المؤمنين لا كلهم ، فلا يكون حجة ، وإليه مال إمام الحرمين    . واستشكل الأول بأن المجتهد الفاسق لا يجوز له تقليد غيره ، فانعقاد الإجماع في حقه مشكل ، ولا يمكن تجزئة الإجماع ، حتى يكون حجة في حق غيره ، ولا يكون حجة في حقه ، واستحسنه إلكيا  ، وقال : المسألة محتملة .  [ ص: 423 ] 
واختلف المانعون في تعليله  على وجهين . أحدهما : أن إخباره عن نفسه لا يوثق به لفسقه ، فربما أخبر بالوفاق وهو مخالف أو بالخلاف وهو موافق ، فلما تعذر الوصول إلى معرفة قوله سقط أثره ، وشبه بعضهم ذلك بسقوط أثر قول الخضر  عليه السلام على القول بأنه حي ; لتعذر الوصول إليه . والثاني : أن العدالة ركن في الاجتهاد ، فإذا فاتت العدالة فاتت أهلية الاجتهاد  ، وعلى الثاني اقتصر ابن برهان  في الأوسط " . وفرعوا عليها ما إذا أدى الفاسق اجتهاده إلى حكم في مسألة ، هل يأخذ بقوله من علم صدقه في فتواه بقرائن ؟ .  وحكى ابن السمعاني  عن بعض أصحابنا أن المجتهد الفاسق يدخل في الإجماع من وجه ، ويخرج من وجه    ; لأنه إذا ظهر خلافه سئل عن دليله ; لجواز أن يحمله فسقه على اعتقاد شرع بغير دليل . قال ابن السمعاني    : وهذا التقسيم لا بأس به وهو يقرب من مأخذ أهل العلم ، فليعول عليه . ورأيت في كتاب  الشيخ أبي إسحاق الشيرازي  أن كل من كان من أهل الاجتهاد سواء كان مدرسا مشهورا أو خاملا مستورا ، وسواء كان عدلا أمينا أو فاسقا متهتكا ، يعتد بخلافه    ; لأن المعول في ذلك على الاجتهاد والمستور كالمشهور . قال : والأحسن هو الأول ، ثم قال ابن السمعاني    : وأما الفسق بتأويل فلا يمنع من اعتبار من يعتقد في الإجماع والاختلاف  ، وقد نص  الشافعي    - رحمه الله - على قبول شهادة أهل الأهواء  ، وهذا ينبغي أن يكون في اعتقاد بدعة لا تؤدي إلى التكفير ، فإن أدته فلا يعتد بخلافه ولا وفاقه . وهذه هي المسألة المتقدمة في المبتدع . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					