[ الشرط ] الثاني عشر أي يوجد من قرائن الأحوال ما يدل على رضى الساكتين بذلك القول . واختاره أنه إجماع بشرط إفادة القرائن العلم بالرضا الغزالي في المستصفى " . وقال بعض المتأخرين : إنه أحق الأقوال ; لأن إفادة القرائن العلم بالرضا ، كإفادة النطق له ، فيصير كالإجماع [ ص: 469 ] القطعي من الجميع . وسيأتي أن هذا ليس من موطن الخلاف . قال في القواطع " : والمسألة في غاية الإشكال من الجانبين . قال : وقد ذكر أبو الطيب في إثبات الإجماع في هذه المسألة ترتيبا في الاستدلال استحسنه ، فأوردته ، ويدخل فيه الجواب عن كلامهم . قال : والدليل على ثبوت الإجماع مبني على أصلين . أحدهما : أن أهل العصر لا يجوز إجماعهم على الخطأ . والثاني : أن الحق واحد ، وما عداه باطل . فإذا ثبت هذان الأصلان ، فلا يخلو القول الذي ظهر من أن يكون حقا أو باطلا ، فإن كان حقا وجب اتباعه والعمل به ، وإن كان باطلا فلا يخلو عند سائر العلماء من أربعة أحوال . إما أن لا يكونوا اجتهدوا ، أو اجتهدوا ولم يؤد اجتهادهم إلى شيء يجب اعتقاده ، أو أدى إلى صحة الذي ظهر خلافه ، ولا يجوز أن لا يكون اجتهدوا ; لأن العادة مخالفة لهذا ; ولأن النازلة إذا نزلت فالعادة أن كل أهل النظر يرجعون إلى النظر والاجتهاد ; ولأن هذا يؤدي إلى خروج أهل العصر بعضهم بترك الاجتهاد ، وبعضهم بالعدول عن طريق الصواب ، وهذا لا يجوز ; لأنهم لا يجمعون على الخطأ ، ولا يجوز أن يقال : إنهم اجتهدوا فلم يؤد اجتهادهم إلى شيء يجب اعتقاده ; لأنه يؤدي إلى خفاء الحق على جميع الأمة ، وهو محال . ولا يجوز أن يقال : إنهم اجتهدوا ، فأدى اجتهادهم إلى خلافه ، إلا أنهم كتموا ; لأن إظهار الحق [ ص: 470 ] واجب ، لا سيما مع ظهور قول هو باطل . وإذا بطلت هذه الوجوه ، دل على أنهم إنما سكتوا لرضاهم بما ظهر من القول فصار كالنطق .