التنبيه الثاني
احتج
ابن دقيق العيد في " شرح الإلمام " للجمع بين الحقيقة والمجاز بقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=20680صبوا عليه ذنوبا من ماء } . من جهة أن صيغة الأمر توجهت إلى صب الذنوب ، والقدر الذي يغمر النجاسة واجب في إزالتها ، فتناول الصيغة لها استعمال للفظ في الحقيقة ، وهو الوجوب ، والزائد على ذلك مستحب ، فتناول الصيغة له استعمال في الندب ، وهو مجاز فيه ، فقد استعملت صيغة الأمر في حقيقتها ومجازها .
وذكر
الإبياري من فوائد الخلاف أنه
nindex.php?page=treesubj&link=20984هل يصح أن يعلق الأمر بشيئين : أحدهما على جهة الوجوب ، والآخر على جهة الندب ؟ كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196وأتموا الحج والعمرة لله } فإن {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أتموا } يقتضي وجوب إتمام الحج ، واستحباب إتمام العمرة إن قلنا بعدم وجوبها .
التنبيه الثالث
احتجوا على الحقيقتين بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56إن الله وملائكته يصلون } فإن الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ، واستشكل ذلك بأن الفعل متعدد لتعدد الضمائر ، فكأنه كرر لفظ يصلي ، فلا تكون الآية من موضع النزاع .
وأجيب بأن التعدد بحسب المعنى لا بحسب اللفظ لعدم الاحتياج إليه .
والظاهر أن الآية ليست من باب استعمال اللفظ في معنييه ، لأن سياقها
[ ص: 407 ] إنما هو لإيجاب اقتداء المؤمنين بالله تعالى وملائكته في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فلا بد ، من اتحاد معنى الصلاة في الجميع ، لأنه لو قيل : إن الله يرحم النبي والملائكة يستغفرون له ، يا أيها الذين آمنو ادعوا له لكان ركيكا ، فلا بد من اتحاد معنى الصلاة إما حقيقة أو مجازا . أما حقيقة ، فالدعاء إيصال الخير إلى النبي صلى الله عليه وسلم [ و ] من لوازمه الرحمة ، ليس لأن الصلاة مشتركة بينهما ، وأما مجازا فكإرادة الخير ونحوها مما يليق بالمقام ، ثم إن اختلف ذلك المعنيان لأجل اختلاف الموصوف يضر ، وليس من الاشتراك بحسب الموضع ، وكذلك الاحتجاج بآية السجود ليس من هذا الباب لإمكان أن يكون المراد بالسجود الانقياد في الجميع ، أو وضع الجبهة ، ولا يستحيل في الحادث ، لأن القدرة حاصلة لهذا .
التَّنْبِيهُ الثَّانِي
احْتَجَّ
ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " شَرْحِ الْإِلْمَامِ " لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=20680صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ } . مِنْ جِهَةِ أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ تَوَجَّهَتْ إلَى صَبِّ الذَّنُوبِ ، وَالْقَدْرُ الَّذِي يَغْمُرُ النَّجَاسَةَ وَاجِبٌ فِي إزَالَتِهَا ، فَتَنَاوُلُ الصِّيغَةِ لَهَا اسْتِعْمَالٌ لِلَّفْظِ فِي الْحَقِيقَةِ ، وَهُوَ الْوُجُوبُ ، وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ ، فَتَنَاوُلُ الصِّيغَةِ لَهُ اسْتِعْمَالٌ فِي النَّدْبِ ، وَهُوَ مَجَازٌ فِيهِ ، فَقَدْ اُسْتُعْمِلَتْ صِيغَةُ الْأَمْرِ فِي حَقِيقَتِهَا وَمَجَازِهَا .
وَذَكَرَ
الْإِبْيَارِيُّ مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=20984هَلْ يَصِحُّ أَنْ يُعَلَّقَ الْأَمْرُ بِشَيْئَيْنِ : أَحَدُهُمَا عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ ، وَالْآخَرُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ ؟ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } فَإِنَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أَتِمُّوا } يَقْتَضِي وُجُوبَ إتْمَامِ الْحَجِّ ، وَاسْتِحْبَابَ إتْمَامِ الْعُمْرَةِ إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ وُجُوبِهَا .
التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ
احْتَجُّوا عَلَى الْحَقِيقَتَيْنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ } فَإِنَّ الصَّلَاةَ مِنْ اللَّهِ الرَّحْمَةُ وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ الِاسْتِغْفَارُ ، وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْفِعْلَ مُتَعَدِّدٌ لِتَعَدُّدِ الضَّمَائِرِ ، فَكَأَنَّهُ كَرَّرَ لَفْظَ يُصَلِّي ، فَلَا تَكُونُ الْآيَةُ مِنْ مَوْضِعِ النِّزَاعِ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّعَدُّدَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى لَا بِحَسَبِ اللَّفْظِ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْآيَةَ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَيَيْهِ ، لِأَنَّ سِيَاقَهَا
[ ص: 407 ] إنَّمَا هُوَ لِإِيجَابِ اقْتِدَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَمَلَائِكَتِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا بُدَّ ، مِنْ اتِّحَادِ مَعْنَى الصَّلَاةِ فِي الْجَمِيعِ ، لِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ : إنَّ اللَّهَ يَرْحَمُ النَّبِيَّ وَالْمَلَائِكَةُ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو اُدْعُوا لَهُ لَكَانَ رَكِيكًا ، فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ مَعْنَى الصَّلَاةِ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا . أَمَّا حَقِيقَةً ، فَالدُّعَاءُ إيصَالُ الْخَيْرِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ وَ ] مِنْ لَوَازِمِهِ الرَّحْمَةُ ، لَيْسَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا ، وَأَمَّا مَجَازًا فَكَإِرَادَةِ الْخَيْرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَلِيقُ بِالْمَقَامِ ، ثُمَّ إنْ اخْتَلَفَ ذَلِكَ الْمَعْنَيَانِ لِأَجْلِ اخْتِلَافِ الْمَوْصُوفِ يَضُرُّ ، وَلَيْسَ مِنْ الِاشْتِرَاكِ بِحَسَبِ الْمَوْضِعَ ، وَكَذَلِكَ الِاحْتِجَاجُ بِآيَةِ السُّجُودِ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالسُّجُودِ الِانْقِيَادَ فِي الْجَمِيعِ ، أَوْ وَضْعَ الْجَبْهَةِ ، وَلَا يَسْتَحِيلُ فِي الْحَادِثِ ، لِأَنَّ الْقُدْرَةَ حَاصِلَةٌ لِهَذَا .