مسألة [ ] البيان الواجب على الرسول صلى الله عليه وسلم
يجب على الرسول بيان ما يتعلق بأحكام الشرع : واجبها . ومندوبها ، وحرامها ، ومكروهها ، ومباحها ، وقال بعض المتكلمين : ما كان واجبا فيجب عليه بيانه ، أو مندوبا فمندوب ، أو مباحا فمباح . قال ابن القشيري : وهذا خرق للإجماع ، لإجماع الأمة على وجوب تبليغ جميع الشرعيات . وقال غيره : يلزمهم أن يكون بيان المحرم محرما ، وهو إلزام عجيب . وقال الماوردي ، والروياني : ما يلزم الرسول بيانه من الأحكام التي ليست في كتاب الله كالقضاء بالشفعة ، وبالدية على العاقلة ، وإعطاء السلب للقاتل ، وأن لا يرث القاتل ، ونحوه ، يلزم بيانه في حقوق العباد لأنه لا طريق لهم إلى العلم بها إلا منه ، وفي لزوم بيانها في حق الله وجهان مبنيان على [ ص: 97 ] الخلاف في أنه هل هو بالاجتهاد ؟ فإن قلنا : له ذلك لزمه ، وإلا فلا .
وقال الشاشي في كتابه : الذي يجب عليه هو البيان ، لقوله تعالى : { لتبين للناس ما نزل إليهم } وروي أن { سأله عن الكلالة : فقال : يكفيك آية الصيف عمر } ، فدل هذا على أن ما لم يتوصل إلى معرفته إلا ببيانه . فأما ما جعل في الكتاب بيانه ، وكان يتوصل إليه بالتدبر ، فليس عليه بيانه . قال : ومعقول أنه عليه السلام لا يجب عليه إبانة كل الأحكام أصلا ، وإنما عليه إبانة الأصول التي للدلالة على الفروع . الواجب من البيان
وقال الماوردي والروياني : من المجمل ما وكل العلماء إلى اجتهادهم في بيانه من غير سمع يفتقر إليه ، كقوله تعالى : { حتى يعطوا الجزية } . فلم يرد سمع ببيان أقل الجزية حتى اجتهد العلماء في أقلها . وكقوله : { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة } فأجهل ذكر العدد الذي تنعقد بهم الجمعة ، حتى اجتهد العلماء ، فهذا ونحوه ساقط من الرسول عليه السلام ، لأنه مأخوذ من أصول الأدلة المستقرة . وقد { عن الكلالة فقال : يكفيك آية الصيف عمر } فوكله إلى الاجتهاد ، ولم يصرح بالبيان . واختلف أصحابنا في هذا النوع من سأل ؟ على وجهين : أحدهما : يؤخذ تنبيها من لفظ المجمل ، وشواهد أحواله ، { البيان الصادر عن الاجتهاد ، هل يؤخذ قياسا أو تنبيها : يكفيك آية الصيف لعمر } فرده إليها ، ليستدل بما تضمنتها من تنبيه وشواهد حال . لأنه عليه السلام قال
والثاني : يجوز أن يؤخذ قياسا على ما استقر بناؤه من نص أو إجماع ، { سأل عن قبلة الصائم . فقال : أرأيت لو تمضمضت عمر } ، فجعل القبلة من غير إرادة كالمضمضة من غير ازدراد . انتهى . لأن