الموطن السابع في وذلك من وجوه . الأول : أن الإنشاء سبب لمدلوله ، وليس الخبر سببا لمدلوله ، فإن العقود إنشاءات مدلولاتها ومنطوقاتها بخلاف الأخبار . الثاني : أن الإنشاءات يتبعها مدلولها ، والإخبارات تتبع مدلولاتها ، فإن الملك والطلاق مثلا يثبتان بعد صدور صيغ البيع والطلاق ، وفي الخبر قبله ، فإن قولنا : قام زيد تبع لقيامه في الزمن الماضي . الثالث : أن الإنشاء لا يحتمل التصديق والتكذيب ، فلا يحسن أن يقال لمن قال : امرأتي طالق : صدق ولا كذب ، إلا أن يريد الإخبار عن طلاقها . الرابع : أن الإنشاء يقع منقولا غالبا عن أصل الصيغ في صيغ العقود ، والطلاق ، والعتاق ، ونحوها ، ولهذا لو الفرق بينه وبين الإنشاء يجعل الثاني خبرا لعدم الحاجة إلى النقل ، وقد يكون إنشاء بالوضع الأول كالأوامر والنواهي ، فإنها للطلب بالوضع اللغوي ، والخبر يكفي فيه الوضع الأول في جميع صوره . هذا حاصل ما ذكره قال لامرأتيه : إحداكما طالق مرتين القرافي . [ ص: 90 ]
ويفترقان أيضا من جهة أن الإنشاء كلام نفسي عبر عنه لا باعتبار تعلق العلم بالأعيان والجنان ، فإنه إذا قام بالنفس طلب مثلا ، وقصد المتكلم التعبير عنه باعتبار العلم والجنان ، قال : طلبت من زيد ، وإن أراد أن يعبر عنه لا باعتبار ذلك ، قال : افعل أو لا تفعل ، واعلم أن ، إذ هما نوعان من أنواع الكلام يستحيل وجودهما حيث لا كلام ، والتعليق إنما هو في النسبة الحاصلة بين جزأي الجملة ، غير أن النسبة موقوفة على ذلك الشرط . كلا من الإنشاء والخبر يستحيل تعليقه