لأنه لا احتمال كآية التأفيف ، وإلى ظني وهو ما فيه [ ص: 127 ] احتمال مع الظهور ، ومثلوه بقوله تعالى : { وينقسم إلى قطعي ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة } فإن هذا عند طائفة يشعر بأن القاتل عمدا عليه تحرير رقبة من طريق أولى ، لكن فيه احتمال من جهة قصر الكفارة على المخطئ ، لكون ذنب المتعمد أعظم من أن يكفر ، ولهذا اتفقوا على العمل به إذا كان جليا ، وتنازعوا في المظنون فيه ، فلم يوجب الكفارة في العمد لما ذكرناه . وإن شئت فقل إلى ضروري ونظري . وحكى مالك عن بعض الأصوليين أن المفهوم إن تطرق إليه أدنى احتمال ، فإنه لا يستدل به ، ويرون أن الاحتمال في هذا يسقط العمل به ، بخلاف اللفظي . وما ذكرناه من أن مفهوم الموافقة تارة يكون أولى ، وتارة يكون مساويا ، هو ما ذكره المازري الغزالي ، والإمام فخر الدين ، وأتباعه . ومنهم من شرط فيه الأولوية ، وهو قضية ما نقله إمام الحرمين في البرهان عن كلام في " الرسالة " وهو قضية كلام الشافعي ، وعليه جرى الشيخ أبي إسحاق في موضع ، ونقله ابن الحاجب الهندي عن الأكثرين . والصواب أن يقال : شرطه أن لا يكون المعنى في المسكوت عنه أقل مناسبة للحكم من المعنى في المنطوق فيه ، فيدخل فيه الأولى والمساوي وهو ظاهر كلام الجمهور من أصحابنا وغيرهم .
قال الهندي : ويدل عليه تسمية له بالقياس الجلي ، فإنه لا الشافعي كون الحكم في المقيس أولى من المقيس عليه ، فلا يحسن عند القائلين باشتراط الأولوية تسميته جليا بل هو عندهم أخص منه . ولو سمي به لكان من تسمية الخاص بالعام ، وعليه ينزلون تسمية يشترط في القياس الجلي ، [ ص: 128 ] لكن يسمي أكثرهم الأول بفحوى الخطاب . والثاني بلحنه . الشافعي