الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        الأمر السادس: موت الموصى له بالمرتب.

        نص الحنفية ، والمالكية على بطلان الوصية بالمرتب إذا مات الموصى له، سواء كان المرتب لمدة معلومة، أو لمدى الحياة، أو مطلقا.

        قال السرخسي: « ولو أوصى أن ينفق عليه كل شهر أربعة من ماله، وعلى آخر كل شهر خمسة من غلة البستان، ولا مال له غير البستان فثلث البستان بينهما نصفان لاستواء حقهما فيه ، ألا ترى أن كل واحد منهما لو انفرد استحق جميع الثلث بوصيته، ثم يباع سدس غلة البستان لكل واحد منهما فيتوقف ثمنه على يد الموصي، أو على يد ثقة إن لم يكن له وصي، وينفق على كل واحد [ ص: 216 ] منهما من نصيبه ما سمي له في كل شهر، فإن ماتا جميعا، وقد بقي من ذلك شيء رد على ورثة الموصي لبطلان وصيته بالموت » .

        ووجهه: أن الموصي لم يرد تمليك الموصى له جميع المال المرصد للمرتب، بل أراد إيقافه عليه شيئا فشيئا ، فإذا مات انقطع، ولا يورث عنه.

        فإن مات أثناء مدة المرتب، فإن ورثته يستحقون من المرتب بقدر ما مضى من المدة.

        وأما بالنسبة للباقي فإنه يعطى لأرباب الوصايا الذين حاصصهم صاحب المرتب لتكملة النقص الذي لحق وصاياهم بسبب المحاصة.

        فإن استكملوا وصاياهم وبقي شيء فهو للورثة، كما أنه إذا لم تكن معه وصايا ، أو كانت ولم يلحقها نقص، فإن الباقي يرد للورثة أيضا، وقيل لا يرجع للورثة.

        ويستثنى من قاعدة رجوع الباقي للورثة، أو أرباب الوصايا: ما إذا كان المرتب الموصى به وصي به لاثنين فأكثر في وصية واحدة، فإنه إذا مات أحد الموصى لهم فإن نصيبه يعود لشريكه في المرتب لا لورثة الموصي، ولا لورثة الموصى له، ولا لأرباب الوصايا الأخرى إن كانت; كما لو أوصى لبنات أخيه بألف درهم كل شهر وهن ثلاث بنات، فإنه إذا ماتت واحدة فإن نصيبها يعود للبنتين الباقيتين، وإذا ماتت الثانية كان نصيبها للبنت الباقية تأخذ الألف وحدها، فإذا ماتت عاد الباقي لأرباب الوصايا، أو لورثة الموصي على التفصيل السابق.

        [ ص: 217 ] واختلف إذا سمى لكل واحد من الموصى لهم مسبقا، مثل وصيته لخالتيه بألفين كل شهر، لكل واحدة ألف.

        فقال المالكية : من مات فنصيبه لورثة الميت.

        وحجته: أنه سمى لكل واحدة مبلغا، والتسمية لا يزاد عليها ; وقوفا مع لفظ الموصي.

        وقال الحنفية : من مات فنصيبه للباقي; لاشتراكهما في الوصية.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية