المطلب الثاني: الوصية للميت
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في المسألة على أقوال:
القول الأول: إن جهل موته فالوصية باطلة، وإن علم موته فالوصية صحيحة.
وهو قول المالكية .
ونص المالكية : بأن الوصية تصرف في قضاء ما على الميت من دين، وإلا صرفت لورثته إذا لم يكن عليه دين، فإن لم يكن له وارث دفعت إلى بيت المال.
وقيل: تبطل الوصية إذا لم يكن له وارث.
القول الثاني: عدم صحة الوصية للميت.
وبه قال الحنفية ، وقول ، وهو مذهب لمالك الشافعية ، والحنابلة .
[ ص: 463 ] الأدلة:
دليل القول الأول:
1 - عموم أدلة الوصية، وهي تشمل الوصية للميت.
2 - أن المقصود بالوصية نفع الموصى له، والميت أحوج ما يكون إلى ذلك.
دليل القول الثاني:
1 - أن من شرط الموصى له أن يكون موجودا، والميت غير موجود.
ونوقش هذا الاستدلال: بأنه لا يسلم اشتراط وجود الموصى له؛ ولهذا صحت الوصية للمعدوم كما حرر في موضعه.
2 - أن الوصية تمليك، والميت لا يصح تمليكه.
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول: أنه استدلال في محل النزاع.
الوجه الثاني: عدم التسليم; فالوصية تمليك وانتفاع وإن لم يحصل تمليك.
3 - أنه أوصى لمن لا تصح الوصية له لو لم يعلم حاله، فلا تصح إذا علم حاله، كالبهيمة.
ونوقش هذا الاستدلال: أنه لا يسلم عدم صحة . الوصية للبهيمة
4 - أنه عقد يفتقر إلى القبول، فلم يصح للميت كالهبة.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن القبول مشترط حيث أمكن القبول، وإلا فلا يشترط كالوصية للجهة والبهيمة.
[ ص: 464 ] الترجيح:
الراجح - والله أعلم -: القول الأول ; لقوة دليله، ولأن الوصية فعل خير وقربة فيكثر منها، وعلى القول بالصحة تقضى من الوصية ديون الميت وتنفذ وصاياه.
* * *