حكم الرقى وتعاطي الأدوية
واتخاذ الوقاية التي يجعلها الإنسان تقاة بينه وبين ما يعرض له من المصائب .
وعن أبي خرامة - بكسر الخاء المعجمة - عن أبيه يعمر ، قال : - بضم الراء وفتح القاف - جمع رقية - بالضم والسكون - ، وهي ما يقرأ لطلب الشفاء . والاسترقاء : قلت : يا رسول الله! أرأيت رقى نسترقيه . طلب الرقية
قال في الترجمة : حكمها إن كانت بالقرآن والأدعية المأثورة : أنها تجوز ، وإلا فتحرم ، ; كالدرع والمجن ومثلهما . قال في «المرقاة» : تقاة : اسم ما يلتجئ به الناس من خوف الأعداء; كالترس «ودواء نتداوى به في الأمراض والأسقام» والعلل «وتقاة نتقيها» يعني : أن الله كما قدر الداء ، قدر زواله أيضا بالدواء ، فإن شاء وقدر أن يشفى بها ويوقى ، يسره ، وإن لم يقدر ولم يشأ ، لم يكن . «هل ترد من قدر الله شيئا ؟» ، قال : «هي من قدر الله»
فالتقدير لا ينافي الأسباب والشرائط ، بل هي داخلة فيه ، وهو شامل لها ، [ ص: 192 ] محيط بها ، لا يخرج شيء من إحاطته . رواه ، أحمد ، والترمذي . وابن ماجه
والحديث يدل على جواز الرقى ، والدواء ، والتقاة ، وأنها يحل بها الالتجاء إذا كانت من الكتاب ، أو السنة ، أو الدعاء المأثور ، أو باللسان العربي المفهوم معناه ، لا باللسان العجمي ، ولا بما لا يفهم مبناه ولا معناه; فإن فيه خوف الشرك والكفر .
وعن - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علي ، وعين موضعه من جهنم ، «ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار» ، وموضعه منها يعني : أيهم ناري ، وأيهم جناني ، «ومقعده من الجنة» يعني : ليس وجود سابقة القضاء والقدر باعثا على ترك العمل; لأن الله أمر ونهى بحق الربوبية ، وألزم العباد امتثالهما بحق العبودية ، وجعل العمل علامة للسعادة والشقاوة ، وهو داخل في حد القضاء والقدر . «قالوا : يا رسول الله! أفلا نتكل على كتابنا ، وندع العمل ؟ قال : اعملوا ، فكل ميسر لما خلق . أما من كان من أهل السعادة ، فييسر لعمل السعادة ، وأما من كان من أهل الشقاوة ، فييسر لعمل الشقاوة»
وكل من قدر له أن يعمل ، فإنه يعمل ، ومن قدر له ألا يعمل ، فإنه لا يعمل . والثواب والعقاب تصرف بفعله في ملكه .
وعلى كل تقدير ، فقولكم : إنه إذا ثبت القضاء والقدر ، ففيم العمل ؟ ليس كما ينبغي ، فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى [الليل : 5- 6]; أي : من بذل حقوق المال ، وأتى بالطاعة مطلقا ، وخاف الله في السر والعلن ، وصدق بالكلمة التي هي أحسن الكلمات; أي : كلمة التوحيد ، أو بالملة التي هي أحسن الملل; أي : ملة الإسلام ، «الآية» ; أي : ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم تأييدا وإثباتا لما قال ، هذه الآية : فسنيسره لليسرى [الليل : 7]; أي : للأعمال المؤدية المفضية إلى اليسر ، وهو دخول الجنة .
وأما من بخل ; أي : بالمال ، أو بأداء ما أمر به ، واستغنى [الليل : 8]; [ ص: 193 ] أي : بشهوات الدنيا عن نعيم العقبى ، ولم يتق الله ، وكذب بكلمة التوحيد ، أو ملة الإسلام ، فسنيسره للعسرى : [الليل : 9]; أي : للأعمال المؤدية إلى العسر ، وهو الدخول في النار . متفق عليه .
اللهم إني أسألك اليسرى ، وأعوذ بك من العسرى .