هذا الكتاب كل ما سطرت فيه من قد قال به جمهور العلماء السابقين، والأئمة المجتهدون، وأصحاب الآثار المتقون، رد الشرك والبدعة، والصوفية الصافية المحسنون، ولم يخالف في ذلك -فيما علمت- أحد من علماء المسلمين من السلف الصالحين. وكل ما حررته فيه من مسائل التوحيد والسنة، فقد ذهب إليه أولئك المذكورون، ولو شئت لجئت منهم بنقول لا حصر لها. ولكن كلام الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- يغني عن الاحتياج إلى الاحتجاج بها؛ فإنهم جميعا متعبدون بما فيهما كتعبدنا به، وليسوا بشارعين ومتبوعين، بل ممتثلين وتابعين. وإنما يستدل بآراء الرجال وأقوال الأجيال والأقيال، وبنقول العلماء، وفتاوى الفقهاء من لا علم له بأصول الدين، ولا يعرف قدر الاحتجاج بكلام الله تعالى رب العالمين، وسنة رسوله خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
وأما من وفقه الله لعلوم الإسلام، وهداه إلى اتباع الكتاب العزيز والسنة المطهرة، فهو بمعزل عن هذا الصنيع المستهام، ولا يرى منزله إلا الاستشهاد به والمتابعة، وإنما يأتي به في بعض المقام إلزاما لألد الخصام، لا استدلالا به على الأنام. فاشدد يديك على هذا الكلام، ينفعك -إن شاء الله تعالى- في كثير من المواضع الصعاب، والله الهادي إلى الصواب.