الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في جواز جعل الرجل لامرأته طلاقها]

                                                                                                                                                                                        وقال أبو محمد عبد الوهاب: يجوز للرجل أن يجعل لامرأته طلاقها، وذلك على وجهين؛ على وجه التمليك والوكالة، ففي التمليك ليس له أن يبطل تمليكها، وله في الوكالة أن يرجع ما لم تطلق نفسها.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: والزوج مع الأجنبي في ذلك على ثلاثة أوجه، تمليك ووكالة ورسالة، فإن ملكه ذلك لم يكن له أن يعزله، وإن وكله كان له عزله ما لم يقض بالطلاق، وإن جعله رسولا لم يكن له أن يقضي بشيء، وهو في الرسالة على وجهين:

                                                                                                                                                                                        أحدهما: أن يقول: أبلغها أني طلقتها، فهذه تكون طالقا من وقت قال ذلك، بلغها ذلك الرسول أو لم يبلغها. [ ص: 2728 ]

                                                                                                                                                                                        والآخر: أن يقول: أبلغها أني جعلت أمرها بيدها أو أني خيرتها، فهذه إذا عرفت وقضت بالطلاق كانت طالقا، وإن لم يبلغها ذلك الرسول.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن قال لرجل: خير امرأتي -وهي تسمع- فقالت: طلقت نفسي -قبل أن يقول لها الرجل- فإن القضاء ما قضت. وحمل قوله: "خير" على الرسالة، بخلاف قوله: طلق امرأتي; لأن قوله "خير" يتضمن خروج ذلك من يده; لأنها هي التي تقضي بالطلاق أو التمليك.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا قال: طلق امرأتي، هل هو تمليك أو وكالة، فقال أصبغ في كتاب ابن حبيب: هو تمليك، قال ابن حبيب: وكان ابن القاسم يقول: هو على الرسالة، ولا يقع الطلاق إلا أن يطلق. يريد بالرسالة ها هنا: الوكالة; لأنه جعل الطلاق بيده وأنه هو المطلق، وهو أحسن، ولو قال: بع سلعتي لكانت وكالة وله أن يعزله إلا أن يقول: ملكتك ذلك، قال: وإن ادعى في الزوجة أنه أراد الوكالة صدق، فإن ملك رجلين أو وكلهما لم يصح أن يقضي أحدهما دون الآخر، وإن جعلهما رسولين صح بتبليغ أحدهما، سواء جعل لهما أن يبلغا عنه أنه طلق، أو أنها هي التي تطلق. [ ص: 2729 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية