باب في وصية المقتول للقاتل وما يتعلق بذلك
على خمسة أوجه : وصية المقتول للقاتل
إما أن يوصي له قبل القتل ثم يموت بفور الضرب ، أو بعد حياة ولم يعلم أنه قاتله ، أو علم ، أو كانت الوصية بعد الضرب وعلم أنه قاتله ، أو لم يعلم ، والقتل في جميع ذلك خطأ أو عمدا ، فإن وصى له قبل الضرب ثم قتله خطأ ، فقال : الوصية من ماله دون الدية ، قال : بمنزلة الميراث إذا قتل موروثه خطأ ، فله الميراث في المال دون الدية ، قال مالك محمد : لأن الدية أديت عنه ، وهو أيضا يؤدي فيها فلا يؤدي عن نفسه لنفسه .
قال : إن أوصى له بعد أن ضربه خطأ ، فإن علم كانت الوصية في المال والدية . وفي كتاب ابن القاسم محمد : ذلك سواء علم أو لم يعلم الوصية في المال والدية ، وإن أوصى له ثم قتله عمدا ومات بفور ذلك أو بعد حياته ولم يعلم أنه ضاربه سقطت وصيته ولا شيء له في مال ولا دية ، وكذلك إن علم ولم تكن الوصية بكتاب .
واختلف إذا كانت بكتاب ، فقال محمد : إن علم فأقر الوصية على حالها فهي جائزة من ماله بمنزلة ما أوصى له بعد الجناية ، وإن أوصى له بعد الجناية ولم يعلم أنه قاتله فلا شيء له .
قال : إلا أن يكون قد علم أنه قتله عمدا فأوصى له بعد علمه ، [ ص: 3597 ] وقال ابن القاسم محمد : إذا أوصى له بعد أن جنى عليه وهو يعلم أو لا يعلم فالوصية له نافدة . وقوله في الخطأ إنه بمنزلة الميراث فليس بالبين وليس الأصلان سواء; لأن منع الميراث من الدية شرع ، ولو أوصى بأن يورث منها ما جاز ، وإن أوصى لغير وارث أن يعطى ثلث الدية جاز والاعتراض ألا يأخذ مما يؤدي غير صحيح ، فلو أوصى لغريمه بثلث ماله كان للغريم من الدين الذي عليه ثلثه ، ولو جنى على عبد مريض كان للموصى له ثلث قيمة ذلك العبد . [ ص: 3598 ]