الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في غلات الموصى به وولده وماله والجناية عليه

                                                                                                                                                                                        ومن أوصى لرجل بحائط وفيه ثمر مأبورة ، لم تدخل الثمرة في الوصية ، وهي للورثة ، ويكثر بها مال الميت وإن لم تؤبر ، كانت للموصى له ، فإن لم ينظر في الثلث حتى أزهت ، كانت للموصى له بالحائط . واختلف هل تدخل في القيمة ، أو يقوم الأصل بانفراده؟ وأرى أن تدخل في القيمة; لأن الاعتبار في قيم الرقاب يوم ينظر في الثلث ، فإن زادت أو نمت قومت على هيئتها يوم ينظر في الثلث ، فكذلك الغلات ، وتكون النفقة عليها من مال الميت ، وعلى القول الآخر : إنها لا تدخل في القيمة ، تكون نفقتها على الموصى له ، وإن أوصى بعبد أو أمة ، كان ما ولد لهما قبل موت الموصي غير داخل في الوصية ، وإن كان الحمل بعد موته دخل في الوصية ، وقوم مع الأم أو العبد قولا واحدا بخلاف المال ، فإن كان الحمل في حياته والولادة بعد وفاته ، كان ولد الأمة للموصى له ، وولد العبد من أمته للورثة ، وسواء كانت الوصية فيهما بالعتق أو لفلان .

                                                                                                                                                                                        وأما المال فهو على ثلاثة أوجه : فإن مات الموصي وفي يد العبد أو الأمة مال من الخراج كان للورثة ، وسواء كانت الوصية فيهما بالعتق أو لفلان . [ ص: 3674 ]

                                                                                                                                                                                        وإن كان المال من غير الخراج ، والوصية بالعتق تبعه المال .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كانت الوصية لرجل فقال مالك مرة : المال للورثة . وقال مرة : إني لأراه شبيها بالعتق ، وأن يكون لمن أوصى له به . قيل له : أتراه مخالفا للهبة والصدقة إذا تصدق به أو وهبه ، قال : نعم وإن كان المال من ربح المال الذي كان في يديه ، كان حكمه حكم رأس المال ، فإن كانت الوصية بعتق تبعه ، وإن كانت لرجل كان على الاختلاف في رأس المال ، وإن كان ذلك من فائدة كان للموصى له ، ثم يختلف هل يدخل في القيمة .

                                                                                                                                                                                        والجناية على العبد في حياة السيد لورثته ويكثر به ماله ، وكذلك إذا كانت الجناية بعد موته ، وقد وصى بعتقه; لأنه جنى عليه ، وهو عبد ولو قتل لكانت قيمته لهم ، إلا أن تكون له أموال مأمونة ، فإن كان له مال مأمون ، وقال : إن مت فهو حر ، كان حرا بنفس الموت ، والجناية عليه جناية حر ، فله قيمة الجناية إن كانت دون النفس ، ولورثته إن قتل .

                                                                                                                                                                                        وقال محمد : إن أوصى به لرجل فجنى عليه ، كانت الجناية لورثة السيد بمنزلة الموصى بعتقه .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم : قال مالك في العبد الموصى به لرجل يموت عن مال [ ص: 3675 ] قبل النظر في مال الميت : إن مال العبد للموصى له به . فعلى هذا تكون الجناية عليه إن جرح أو قتل للموصى له به ، وهو أحسن; لأنه بنفس موت الموصي ملك للموصى له به ، وقد أخرجه الميت عن الورثة وإنما بقي موقوفا لاعتبار القيمة . [ ص: 3676 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية