الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن أوصى لجماعة ، فمات أحدهم أو لم يقبل

                                                                                                                                                                                        اختلف عن مالك فيمن أوصى لثلاثة نفر ، لكل واحد منهم بعشرة دنانير ولم يحمل الثلث ، فمات أحدهم في حياة الموصي ، أو لم يقبل فقال مرة : لورثة الموصي أن يحاصوا أهل الوصايا بنصيبه ، علم الموصي بذلك أو لم يعلم ، وقال أيضا : لا يحاصوا به ، علم أو لم يعلم ، وقال أيضا : إن علم لم يحاصوا بنصيبه ، وإن لم يعلم حاصوا به . فأما قوله يحاصوا به إن علم ، فإنه مبني على أحد أقواله إن محمل الميت في الوصايا إذا عال على ثلثه ، أنه يقصد دخول بعضهم على بعض ، وقد تقدم ذلك إذا أوصى بالثلث وبتسمية ، أن التسمية تنزع من الثلث . وأما تفرقته بين ما علم ومن لا يعلم ، فهو بناء على القول إنه إذا عال في الوصية يريد به الزائد من الثلثين ، فيكون كما لم يعلم به . وأما قوله : لا يحاص به وإن لم يعلم ، فإنه محتمل لوجهين : [ ص: 3694 ]

                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن يكون ذلك على أحد القولين في دخول الوصايا فيما لم يعلم به .

                                                                                                                                                                                        والثاني : أن يكون ذلك; لأنه كان مترقبا للرد . وهذا أحسن ، ومحمل الميت في مثل هذا أنه يريد إنفاذ جميع وصاياه من الثلث وغيره ، رجاء أن تتم له الورثة ذلك ، فإذا طرأ له مال كان أبين أن تنفذ منه وصيته ، وكذلك إذا أوصى لواحد بثلث ماله ، ولآخر بسدسه أو نصفه ، فلم يجز الورثة ومات أحد الموصى لهما أو رد ، فيختلف في نصيبه حسبما تقدم ، وأما إن أوصى لهم بثلثه ، فلم يقبل أحدهم أو مات ، فإن لورثة الموصي أن يحاصوا بنصيبه قولا واحدا; لأن الميت إنما أعطى لكل واحد منهم ثلث الثلث فلا يزاد على ما وصى له به ، وهو في هذا بخلاف ما تقدم إذا وصى لكل واحد منهم بعشرة أو لثلاثة بثلث . [ ص: 3695 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية