باب في المسجد تصلى فيه جماعتان
ولا يتقدم أحد ليجمع فيه قبله ولا بعده. وإن كان للمسجد إمام راتب كان أحق بالصلاة فيه،
ومن لم يكن له أن يجمع فيه ثانية إلا بإذن الإمام، ولو أتى مسجدا وقد صلى إمامه لم يكن لغيره أن يجمع فيه، وإن أقام إمامه الصلاة فلم يأته أحد فصلى وحده- لم يكن له أن يجمع فيه . استخلف إمامه من يصلي بالناس ثم أتى بعد أن صلوا
وقال في الواضحة: إن مالك أنه إن كان المؤذن ممن يؤمهم إذا غاب إمامهم فهو كالإمام; صلاته وحده صلاة جماعة، لا يجوز لهم أن يجمعوا بعد ذلك تلك الصلاة، وإن كان المؤذن ممن لا يصلي بهم إذا غاب إمامهم فهو كرجل من الناس . أذن المؤذن فلم يأته أحد فصلى وحده ثم أتى الإمام المسجد والناس معه،
قال الشيخ -رحمه الله-: ولو كان شأنه أن يصلي إذا لكان للإمام أن يعيد الصلاة; لأن هذه مسابقة له، وإن لم يكن شأنه أن يصلي بهم عند غيبته فأبطأ الإمام، وأضر بالناس انتظاره لطول تأخره- جاز لهم أن يأمروا المؤذن أو غيره أن يصلي بهم. غاب إمامه فصلى بهم في وقت صلاة الإمام المعتاد أو بعده بيسير
وإن جاز أن يصلي فيه جماعة بعد جماعة، وإن [ ص: 343 ] كان له إمام راتب في بعض الصلوات لم تعد فيه جماعة في الصلوات التي لها إمام راتب، مثل أن يكون له إمام راتب في صلاة الليل دون النهار فإنه لا يجمع فيه في صلاة الليل قبله ولا بعده، ويجوز ذلك في صلاة النهار، فإذا صلت فيه جماعة ثم أتت جماعة أخرى كان فيها قولان: هل تصلي، أو تمنع؟ وأن تصلي أحسن; لأن الذي قبله ممن لم يكن له حق في الصلاة فيه، وهذا الجواب في الجماعة، وأما الفذ فإنه لا يمنع أن يصلي الفرض في كل مسجد له إمام راتب; يتقدمه أو يتأخر عنه، وإنما يمنع أن يصلي إذا كان الإمام في صلاة، فيصلي هو لنفسه تلك الصلاة على وجه الفرض أو النفل، ويمنع أن يجلس والإمام يصلي أو يخرج بعد أن تقام الصلاة، فحق الإمام في ذلك في اثنتين: في الجماعة أن تجمع قبله أو معه أو بعده، وفي الفذ أن يصلي حين صلاته ولا يأتم به أو يجلس ولا يصلي معه، أو يخرج بعد أن تقام الصلاة; لأن في كل ذلك أذى له، ولا يمنع الفذ أن يتقدمه في تلك الصلاة; لأن من الناس من يكون له شغل لا يمكنه معه انتظار الجماعة. لم يكن للمسجد إمام راتب