فصل [في ما يجب على العامل وصاحب الحائط]
فأما الدلاء والحبال إذا لم يكونا في الحائط -على العامل، فإن كانا فيه- كان على العامل ما بعد نفادهما، فإن سرقا كان الخلف على صاحب الحائط، فإن أخلف جديدين استعملهما المساقي إلى أجل ما يرى أنه بقي من استعمال الأولين، ثم يأخذهما صاحب الحائط، ويأتي العامل بما يستعمل مكانهما حتى ينقضي السقاء; لأن الأمد الذي يستعمل فيه هذان معلوم، بخلاف العبد والدابة; لأن حياتهما مجهولة، وقد يبقيا حتى تنقضي المساقاة أو يموتا قبل ذلك، فلو دخلا على حياتهما كان غررا.
وكنس البئر، والعين، وتنقية ما حول النخل ليستنقع فيها الماء، وبناء [ ص: 4703 ] الزرنوق والقف وإصلاحهما إن فسدا على صاحب الحائط، فإن شرط ذلك على العامل- جاز فيما قلت نفقته، ولم يجز فيما تكثر فيه النفقة، وهذا أصل قول وقد تقدم في هذا القياس على الخبر; لأنه لم يرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر من يتكلف شيئا من ذلك، والظاهر أن كل ذلك كان على العاملين. مالك،
واختلف قوله في الإبار، وهو التلقيح فجعله مرة على صاحب الحائط، ومرة على العامل. ومنهم من يتأول ذلك ويقول: معنى قوله: على صاحب الحائط; الشيء الذي يلقح به، ومعنى قوله: على العامل، عمل ذلك وتعليق ما يحتاج إلى تعليقه. وليس بالبين; لأن الإبار هو الفعل.
وقال سرو الشرب على العامل. وهو أشبه، وقال ابن حبيب: على العامل الجداد والحصاد. وقال مالك: الدراس على العامل، قال: لأنهم لا يستطيعون أن يقسموه إلا بعد دراسه كيلا. [ ص: 4704 ] ابن القاسم:
واختلف في عصر الزيتون، فقال في المدونة: ذلك على ما اشترطا، إن اشترطاه على العامل أو على صاحب الحائط فلا بأس. ولم يذكر الحكم في عدم الشرط. وقال ابن القاسم ابن المواز ذلك عليهما. وقال وسحنون: منتهى المساقاة جناه. سحنون:
وقال العصر على العامل. وإن شرط ذلك على صاحب الحائط وكان له قدر لم يجز، ورد العامل إلى إجارة المثل. إلا أن يكون تأولا يسيرا جاز، والأول أصوب، وإنما يتضمن المساقاة عمل ما تحتاج إليه الغلة وهي قائمة، فإذا زايلت الأصول- سقط عنه العمل، وكذلك أرى في الدراس أن يكون عليهما، وسواقط النخل: بلحه وليفه، وما يزال من جرائده، وينزع عنه التمر من عراجينه، وتبن الزرع- بينهما، وكذلك ما يكون عن الزيتون بعد عصره. [ ص: 4705 ] ابن حبيب: