فصل [في قسمة الفواكه والسمن والزيت والعسل وغيرها بالخرص]
واختلف عن في مالك فمنعه في المدونة وقال: إنما مضى الخرص في النخل والعنب، وليس الخرص في هذا من عمل الناس. قسم الفواكه بالخرص إذا اختلفت الحاجة،
وذكر عنه أنه أرخص فيه، وروى عنه ابن القاسم في المجموعة الإجازة . وقال: في الزرع إن كان يستطاع أن يعدل بينهما فيه بالتحري جاز . أشهب
واختلف عنه في العرايا فيما سوى النخل والعنب هل تشترى بخرصها؟ فأجازه في المدونة ، ومنعه في كتاب محمد ، وكل هذا الاختلاف فليس في فقه، فإن كان لقوم عادة في خرص ذلك الصنف [ ص: 5894 ] جازت المقاسمة وإلا لم تحبز.
واختلف في فقال قسمة البقل إذا اختلفت الحاجة فيه، لا يعجبني؛ لأن ابن القاسم: لم يجز الخرص فيما يجوز فيه التفاضل مثل التفاح وغيره . مالكا
وقال في مدونته: يقسم إذا بدا صلاحه وجاز بيعه وليس مثل الزرع؛ لأن الزرع يدخله التفاضل ولا يحاط به كما يحاط بخرص الثمار ويجوز البقل اثنان بواحد، فجعل أشهب المنع لعدم من يعرف الخرص. ابن القاسم
وأجازه أشهب إذا تبين الفضل وخرجا عن حد الخطأ، وهو قول ابن القاسم في قسمة اللبن قال: إذا اقتسما الغنم للحلب، يحلب كل واحد غنما ناحية لم يجز للمخاطرة، وإن فضل أحدهما الآخر على وجه المعروف، على إن هلك ما في يد أحدهما رجع على صاحبه جاز .
وقال لا يجوز؛ لأنه طعام بطعام ليس يدا بيد ولو حلباه قبل التفرق جاز والأول أحسن؛ لأنه على وجه المعروف وليس مما تختلف فيه الأغراض فتدخله المبايعة، والتفاضل يجوز في المقاسمة بخلاف البيع فلو كانا شريكين في قفيز طعام فاقتسماه الثلث والثلثين لجاز والتراخي جائز أيضا [ ص: 5895 ] كما جاز في القرض في أخذ مائة دينار ليردها بعد سنة فلو كان ممنوعا من أجل التراخي على ما ذهب إليه سحنون لم يمنع لأجل التفاضل وإنما تدخله المبايعة إذا كان متى هلكت إحداهما لم يرجع على الآخر. سحنون:
وقال لا يقتسمان الخس والسريس والسلق فدادين إلا أن يجذا قبل أن يفترقا. ابن القاسم:
وعلى قول يجوز إذا اختلفت الحاجة وإذا صار مجذوذا أو محصودا لم يجز إلا كيلا أو وزنا إن كان مما يوزن ولم يجز تحريا بالخرص بخلافه قبل الجذاذ؛ لأنه إنما أجيز قبل الجذاذ عند اختلاف الحاجة للضرورة، وقد زالت الضرورة لما زال عن الشجر فلا يجوز ذلك، وسواء كان مما يحرم فيه التفاضل أو يجوز، كان مما يكال أو يوزن، طعاما كان أو غيره؛ لأنه غرر ومخاطرة ويدخله التفاضل إذا كان طعاما مدخرا، فإن فضل أحدهما الآخر بالشيء البين حتى خرجا من حد الخطار إلى وجه المكارمة جاز، وإن كان مدخرا وإن لم يكن على وجه المكارمة، لم يجز إلا أن يكون مما لا يحرم فيه التفاضل. أشهب
وقد اختلف فيه قول مالك فقال في كتاب ابن حبيب: كل ما يحرم فيه التفاضل من الطعام فلا يقسم بالتحري وسواء كان رطبا أو يابسا.
وكذلك قال: وكل ما يجوز فيه التفاضل فلا بأس بقسمته في شجره على التحري رطبا أو يابسا أو [ ص: 5896 ] بالأرض مصبرا مثل الفواكه الرطبة وثمر البحاير ومثل ذلك الكتان والخبط والنوى والتين تحريا وإن كان الكتان والحناء قائما لم يجمع أو جمع ولم يقسم ما يجوز فيه التفاضل تحريا إلا ما أرخص فيه من قليل اللحم والجبن والبيض؛ لأن التحري يحيط بقليله وكثيره . السمن والزيت والعسل فلا يقسم إلا كيلا أو وزنا
وفرق محمد بين ما يكال أو يوزن وأجازه فيما يوزن ومنعه فيما يكال، وقال أشهب في المجموعة: إن كان مما يجوز فيه التفاضل جاز قسمه بالتحري طعاما كان أو غيره ويجوز ذلك فيما يوزن فيقسم تحريا ويباع بعضه ببعض تحريا كالخبز واللحم.
وقال في العتبية: يجوز في اليسير وقد قيل: إنه فرق بين ما يكال أو يوزن؛ لأن الكيل لا يفقد ولو بالأكف وليس بصحيح؛ لأن الأكف يختلف ملؤها ولو ابن القاسم ما جاز، وقسمه جزافا أقل غررا من قسمه حفنات . قال: أبيعك هذا الطعام كل عشر حفنات بكذا
وقد قال اختلفت الرواية عن أبو الحسن ابن القصار: في مالك فأجازه في البوادي والقوافل [ ص: 5897 ] وحيث تتعذر الموازين استحسانا وروي عنه المنع وهو أحسن ألا يجوز بحال . بيع اللحم باللحم والخبز بالخبز على التحري بغير وزن
وقال لا يجوز ابن القاسم: وإن كان ترابا، ورآه من المزابنة والغرر فكذلك المقاسمة . [ ص: 5898 ] بيع جزاف بجزاف من صنف واحد