الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في القاسم والقاضي إذا غلطا]

                                                                                                                                                                                        وإن لم يلوا القسم بأنفسهم ووكلوا من قسم بينهم ثم قال بعضهم: غلط القاسم أو جار رفع الأمر إلى السلطان فإن وجد على التعديل مضى فإن رضي جميعهم بنقضه ليستأنفوا القرعة أو التراضي بقسمته لم يجز؛ لأنهم ينتقلون من معلوم ما صار إلى مجهول ما يكون في المستقبل، ولو تراضوا بنقضه بشرط أن يأخذ كل واحد شيئا معلوما معينا جاز، وإن وجد على غير تعديل نقض وسواء كان القسم برضا الورثة أو ببعثة من السلطان.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: ولم ير مالك قسم القاسم بمنزلة حكم الحاكم ، يريد: أن القاضي والقاسم اجتمعا في أن كل واحد عمل باجتهاده، ثم الجواب مفترق فإن حكم حاكم باجتهاده لم ينقض اجتهاد غيره، واختلف هل ينقضه هو إذا تبين أنه خطأ؟ ويجوز ذلك في القسم أن ينقضه هو وغيره إذا تبين فيه خطأ بين؛ لأنه كمخالفة النص لأنه إنما وكل على التعديل، والغلط تدرك معرفته قطعا؛ فينقضه هو وغيره والاجتهاد في القسم بخلاف ذلك.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب: القاضي والقاسم في هذا سواء إذا أخطأ أو غلط غلطا بينا [ ص: 5923 ] رد، وإن كان ذلك مما يكون من القاسم جاز على من أسهم له، ونظر في الحصص التي بقيت فإن كان إن أعيدت قسمته خرج على ما هو أحسن نقض الأول، وكذلك قال في القاضي إذا حكم بشاذ مباين للحق نقضه غيره، وإن لم يتباين لم يكن لغير القاسم أن ينقضه ولا ينقض اجتهاده لاجتهاد غيره، ويختلف هل ينقضه القاسم نفسه إذا تبين له أن غير الأول أصوب؟ ولو كانت دارا أجراها على السهام فأعفى بعضهم، ثم تبين أن غير ذلك أحسن أعاد القسم مما لم يقرع عليه.

                                                                                                                                                                                        ويختلف فيما مضى هل ينقض فإن لم يتبين الغلط حتى وقع هدم لم يكن على من يرجع عليه في الهدم شيء، ويختلف هل يفيته البناء لأنه بنى بإذن من الورثة . [ ص: 5924 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية