الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في قسمة الطريق والجدار والبئر والمأجل والحمام والدار الصغيرة

                                                                                                                                                                                        وإذا اقتسم الشريكان دارا وأبقيا الطريق شركة بينهما، ثم دعا أحدهما إلى القسمة أو مقاواته لم يكن ذلك; لأن قسمته فساد وقد رضيا ببقائه بينهما، إلا أن يكون واسعا إن قسم صار لكل واحد منهما طريق على المعتاد لمثل الدار فيقسم.

                                                                                                                                                                                        واختلف في قسمة الجدار يكون بين الدارين، فقال ابن القاسم: يقسم إذا لم يكن في ذلك ضرر .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في مدونته: لا يقسم; لأن في قسمته ضررا على من أبى وليس منه شيء إلا وله فيه مرفق يضع فيه خشبه ويضرب فيه وتده ويربط إليه دابته .

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم: وإن كان لكل واحد منهما عليه جذوع تقاوياه ولم يقسم ، وليس هذا بالبين; لأن الحمل الذي عليه لا يمنع القسم كما لا يمنع [ ص: 5961 ] قسمة العلو والسفل وحمل العلو على السفل. وأرى أن يقسم طائفتين على أن من صارت إليه طائفة كانت له وللآخر عليه الحمل.

                                                                                                                                                                                        وقد أجاز ابن القاسم المقاواة، وإنما تصح المقاواة على أن من صار إليه الحائط كان ملكه له وللآخر عليه الحمل، وإذا جازت المقاواة على هذه الصفة كانت القسمة أولى، وصفة القسمة فيه إذا كان جاريا من المشرق إلى المغرب أن يأخذ أحدهما طائفة تلي المشرق، والآخر طائفة تلي المغرب وليست القسمة أن يأخذ أحدهما مما يلي القبلة والآخر مما يلي الجوف; لأن ذلك ليس بقسمة; لأن كل ما يضعه أحدهما عليه من خشب فثقله ومضرته على جميع الحائط، وليس يختص الثقل والضرر بما يليه، إلا أن يريد أن يقتسما الأعلى مثل أن يكون أرضه شبرين فيبني كل واحد منهما على أعلاه شبرا مما يليه لنفسه، ويكون ذلك قسمة للأعلى وجملة الحائط على الشركة الأولى، أو يكونا أرادا قسمته بعد انهدامه فيقسمان أرضه ويأخذ كل واحد منهما نصفه مما يليه.

                                                                                                                                                                                        وأما البئر فلا يصح قسمتها ولا مقاواتها; لأنها مرتفق لهما ولكل واحد إليها ضرورة ولا يستغني الساكن عنها، وكذلك المأجل لا يقسم ولا يتقاوياه إلا أن يكون واسعا فإن ضرب بينهما حائط صار لكل واحد منهما ما ينتفع به، قال أشهب: إن قسمت الدار وترك المأجل فلا يقسم وإن لم تقسم الدار [ ص: 5962 ] قسم مع قسم الدار ، يريد: وإن كان يصير المأجل في إحدى الطائفتين ويسقط حظ الآخر منه ولم ير في ذلك ضررا إذا اعتدلت القيمة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية