الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن أودع أمة فزوجها فحملت وولدت]

                                                                                                                                                                                        ومن أودع أمة فزوجها فحملت وولدت ثم استبرأها، فإن أجاز النكاح سقط عنه حكم التعدي، وسواء فسخ النكاح لحق الله -عز وجل- أو ثبت على أحد القولين، فإن لم يجزه فسخ قولا واحدا، وكان للسيد المطالبة بالعيبين، عيب عادة الزوجية، وعيب الولادة، وإن تعالت من نفاسها سقط عيب الولادة، إلا أن تكون من العلي وينقصها عند المشترين عيب الولادة، وإن تعالت من النفاس فتكون له المطالبة بذلك، وقد سقط عيب عادة الزوج إذا كانت من العلي; لأن الشأن أنها تكتسب للوطء وليست كالوخش، ثم ينظر في العيب فإن كان يسيرا أو في الولد جبر للعيب لم يكن للسيد سوى أمته، وإن كان العيب كثيرا وفي الولد جبر له كان السيد بالخيار بين أن يأخذ أمته وولدها ولا شيء له من قيمة العيب أو يضمن المودع قيمتها، وليس كذلك إذا اشتريت فزوجها فولدت، وكان في الولد جبر للعيب، فإنه يردها، رضي البائع أو سخط; لأنه زوج بوجه صحيح، ومن حقه إذا وجد عيبا أن يرد ويجبر البائع على قبولها وإن حدث بها عيب، ويغرم العيب أو يجبر بالولد إن كان هناك ولد [ ص: 6009 ] على قول مالك، والمودع متعد فلم يكن له أن يردها معيبة إذا كان العيب كثيرا إلا برضى المودع، وجعل له منها أن يجبر البيع بزيادة الجسم إذا حسن حالها وزادت; لأنها زادت بماله، ولا فرق بين زيادة الجسم وزيادة الولد، وإنما يراعى ألا يكون على الأول ضرر، فإذا عاد إلى يده مثل ما خرج منها ارتفع الضرر، وإن أتى المودع وهي حامل وكان عيب الحمل يسيرا أخذها وقيمة العيب، وإن كان كثيرا كان بالخيار بين أن يضمنه قيمتها أو يأخذها وما نقص العيب.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا ماتت من الولادة، فقال مالك: لا ضمان عليه، وقال ابن القاسم: هو ضامن وهو أصوب; لأن التسليط على الوطء تسليط على الولادة، ويلزم على قول مالك إذا لم تمت ووجدها حاملا أن يجبره على قبولها حاملا ولا شيء له سواها وإن كانت وضعت.

                                                                                                                                                                                        وأما ما قيل فيمن غر من أمة فزوجها وهو عالم فاستحقت بعد ما ولدت أن الزوج يرجع بالصداق ولا يرجع بما غرم في الولد، فإن ذلك حسن; لأن الولد بقي للأب ولم يؤخذ منه كما أخذت منه الزوجة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية