الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        وإن أخذ شيئا من قاعة الفندق أو الدار المشتركة، فقال محمد: إن أخذ دابة قطع إذا خرج بها. قال: والقياس أن يقطع إذا نحاها عن مرودها بالأمر [ ص: 6073 ] البين، وإن أخذ رزمة، وكان ذلك موضعها مثل الشيء الثقيل والأعكام، والمتاع الكثير الذي قد أنزله وجعله موضعه فهو مثل الدابة على مرودها إن كانت الدار مشتركة، فإذا أبرزه عن موضعه قطع، وإنما ذلك بمنزلة الخشب الملقى في وسط الدار والعمد وشبهه.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: فإن كان شيئا خفيفا، لم يقطع على قوله، وإن كان قد جعل ذلك موضعه، وكذلك التابوت يسرقه أو يسرق منه فإن كان كبيرا قطع إذا أبرزه أو أبرز منه شيئا عن مكانه إذا كان سارقه من أهل الدار، ويختلف فيه إذا كان من غير أهل الدار، فعند محمد، الجواب سواء، وعلى قول سحنون لا يقطع حتى يبرزه عن باب الدار، فإن كان التابوت صغيرا لم يقطع، وإن أخرجه من باب الدار إذا كان سارقه من أهل الدار، وإن لم يكن من أهلها، قطع إذا أخرجه من باب الدار.

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف في تابوت الصيرفي إذا كان صغيرا فسرقه سارق لما قام عنه صاحبه فقال عبد الملك بن الماجشون في المبسوط: لا يقطع. وقال محمد: يقطع. وعلى هذا يقطع في كل ما جعل له موضع من الدار، وإن كان لطيفا.

                                                                                                                                                                                        ولم يختلفوا في الدابة يكون لها موضع من الدار المشتركة أنه يقطع سارقها، والدابة مما يخف نقلها والزوال بها، وذلك يقضي على كل ما يخف نقله أنه يختلف في قطع سارقه، ولا قطع في كل ما لم يكن ذلك موضعه صغر أو كبر; لأنه لم يجعل ذلك المكان حرزا له. [ ص: 6074 ]

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في المدونة في الدار المشتركة: فينشر الرجل ثيابه فوق بيته وبيته محجور عن الناس: أنه يقطع . يريد: أن ظهر بيته عليه تحجير، ولو كانت سقوف تلك الدار واحدة ولا تحجير عليها وكلهم يتصرفون عليها لم يقطع سارقه إن كان من أهل الدار وهو في ذلك كالقاعة، وإن كان سارقه من غيرهم قطع إذا أخرجه من سقف بيته بخلاف أن يأخذه من القاعة; لأن المأذون فيها يتصرف الغريب على قاعتها ولا يتصرف على ظهرها.

                                                                                                                                                                                        قال أبو محمد: والدار المباحة هي التي في طريق المارة المشتركة النافدة مثل القيساريات التي بمصر، فما أرى حرز ما فيها إلا كل من أحرز متاعه على حدة، وليس أبوابها حرزا لها وأراها بمنزلة الدروب التي تعلق عليها بالليل وتباح بالنهار.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: والقياس إذا سرق منها ليلا أن يكون الحرز باب القيسارية; لأن الإذن حينئذ ارتفع، والقصد بالإغلاق التحفظ من السارق.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية