الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في عقل الذكر

                                                                                                                                                                                        الدية تجب في الذكر إذا قطع دون الأنثيين; لأنه أبطل الاستمتاع وهو ظاهر قوله في الكتاب ، وفي الأنثيين إذا قطعتا دون الذكر الدية كاملة; لأنه أبطل النسل وبطلانهما يبطل النسل، قال ابن حبيب: وقيل: في اليسرى الدية كاملة، يريد: لما قيل أن اليسرى يكون منها النسل خاصة.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا قطع الذكر والأنثيان معا أو مفترقين أحدهما بعد الآخر، فقال مالك في كتاب محمد: فيهما ديتان قطعا معا أو مفترقين أحدهما بعد الآخر . وقال في كتاب ابن حبيب: إذا كان القطع مفترقا كان في الأول الدية وفي الثاني حكومة ولا تبال أيهما تقدم الذكر أم الأنثيان. وقال ابن حبيب: في الذكر الدية تقدم قطعه أو تأخر، وفي الأنثيين إن تقدمتا الدية وإن تأخر قطعهما فلا دية فيهما . يريد: وتكون فيهما حكومة. وقال القاضي أبو محمد عبد الوهاب [ ص: 6378 ] عن مالك: إذا قطعا معا -رواية أخرى- أن فيهما دية واحدة .

                                                                                                                                                                                        وقول ابن حبيب أحسن، فلا تسقط الدية في الذكر وإن تأخر قطعه; لأن الاستمتاع موجود، وأما الأنثيان فتجب فيهما الدية إذا تقدم قطعهما; لأنه أبطل النسل، ولا يصح النسل منهما إذا تقدم قطع الذكر.

                                                                                                                                                                                        والذكر فيما يصاب به على ستة أوجه: تجب الدية في ثلاثة، وتسقط في وجه، ويختلف في وجهين .

                                                                                                                                                                                        فتجب إذا قطع جملة، أو قطعت الحشفة وحدها، أو أبطل منه النسل بشيء سقاه أو أطعمه وإن لم يفسد الإنعاظ.

                                                                                                                                                                                        وتسقط إذا قطع بعد قطع الحشفة وفيه حكومة وليس بحساب ما بقي.

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف عن مالك في الأنف هل تكون الدية من المارن أو إذا أصيب من أصله ولا يبعد أن يكون الذكر يجري على الخلاف بمثل ذلك إلا أن يكون هناك إجماع .

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا قطع ذكر من لا يصح منه النسل وهو قادر على الاستمتاع أو عاجز عنه، فأما مع كونه قادرا غير عاجز فهو كقوله فيمن قطعت أنثياه [ ص: 6379 ] فأسقط الدية مرة لذهاب النسل- ويلزم على هذا من كان عقيما أو اعترف على نفسه أنه لا يولد له- وأثبت الدية مرة لبقاء الاستمتاع. وأما مع العجز عنه فذلك أحرى ألا تكون فيه دية لاجتماع فقد الشيئين، فقد الاستمتاع، وفقد النسل.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن حبيب: في ذكر الذي لا يأتي النساء الدية كاملة. قال: وكذلك الشيخ الكبير . وفي مختصر الوقار: في ذكر العنين حكومة ، وعلى أحد قولي مالك الدية كاملة، وكذلك الحصور الذي لم يخلق له ما يأتي به النساء يختلف فيه.

                                                                                                                                                                                        وقد قال مالك في كتاب محمد في ذكر من قطعت أنثياه: الدية، فقيل له: إنه لا يحمل له؟!

                                                                                                                                                                                        قال: ولكنه ينزل، ومن الناس من لا يحمل له ولا يصيب النساء، فعلى هذا يكون في ذكر الحصور الدية.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية