فصل في صفة المشي خلف الجنازة
الذين يصحبون الميت ثلاثة: رجال مشاة، وركبان، ونساء، فأما الرجال فقيل: يكونون أمامها، وقال مالك في المجموعة: أمامها أفضل، وقال أشهب في مدونته هو السنة، والمشي خلفها واسع. وقال المشي أمامها ووراءها واسع، وكل ذلك فعله الصالحون، ولم يقدم أحدهما على الآخر، وهذا الذي يقتضيه قول أبو مصعب: في المدونة; لأنه قال: لا بأس [ ص: 659 ] بالمشي أمام الجنازة. وقوله: لا بأس، لا يفهم منه أنه أفضل، ولا أنه أولى، وروي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: المشي خلفها أفضل. مالك
واحتج من قال: أمامها أفضل; لأنه شافع، والشفيع يكون أمام من يشفع له، وهذا غير صحيح، وليس من الأدب فيمن مشى مع من يشفع له أن يجعله وراءه، وأيضا فإن الشفاعة حين الصلاة ولم يأت ذلك بعد، ولا خلاف أنه لا يجوز حين الشفاعة وهو وقت الصلاة أن يجعل الميت خلفه ويتقدم ليستشفع له، وفي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "... في الماشي حيث شاء منها..". النسائي
واختلف في الركبان، فقال في مدونته: أحب إلي أن يتقدموها، وقال غيره: يكونون خلفها مع النساء، يريد: أمام النساء، وأما النساء فخلف الرجال، وخلف حملة الجنازة; لأنهم رجال. [ ص: 660 ] أشهب