الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل في صفة المشي خلف الجنازة

                                                                                                                                                                                        الذين يصحبون الميت ثلاثة: رجال مشاة، وركبان، ونساء، فأما الرجال فقيل: يكونون أمامها، وقال مالك في المجموعة: أمامها أفضل، وقال أشهب في مدونته هو السنة، والمشي خلفها واسع. وقال أبو مصعب: المشي أمامها ووراءها واسع، وكل ذلك فعله الصالحون، ولم يقدم أحدهما على الآخر، وهذا الذي يقتضيه قول مالك في المدونة; لأنه قال: لا بأس [ ص: 659 ] بالمشي أمام الجنازة. وقوله: لا بأس، لا يفهم منه أنه أفضل، ولا أنه أولى، وروي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: المشي خلفها أفضل.

                                                                                                                                                                                        واحتج من قال: أمامها أفضل; لأنه شافع، والشفيع يكون أمام من يشفع له، وهذا غير صحيح، وليس من الأدب فيمن مشى مع من يشفع له أن يجعله وراءه، وأيضا فإن الشفاعة حين الصلاة ولم يأت ذلك بعد، ولا خلاف أنه لا يجوز حين الشفاعة وهو وقت الصلاة أن يجعل الميت خلفه ويتقدم ليستشفع له، وفي النسائي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "... في الماشي حيث شاء منها..".

                                                                                                                                                                                        واختلف في الركبان، فقال أشهب في مدونته: أحب إلي أن يتقدموها، وقال غيره: يكونون خلفها مع النساء، يريد: أمام النساء، وأما النساء فخلف الرجال، وخلف حملة الجنازة; لأنهم رجال. [ ص: 660 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية