الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل المراعى في الخلطة آخر السنة دون أولها

                                                                                                                                                                                        المراعى في الخلطة آخر السنة دون أولها ، فإن اجتمعا في أول السنة وافترقا في آخرها ، أو افترقا في أولها واجتمعا في آخرها ، زكيا على ما هما عليه من آخرها ما لم يقرب ذلك . واختلف في حد القرب الذي إذا صارا إليه حملا على التهمة . فقال ابن القاسم : إذا كان ذلك قبل الحول بشهرين فأقل فهما خلطاء . وقال عبد الملك بن حبيب : أدنى ذلك الشهر فما فوقه ، وما كان دون الشهر لم يجز لهما افتراق ولا اجتماع . وقال محمد بن المواز : إن اجتمعا أو [ ص: 1045 ] افترقا قبل الشهر فجائز ما لم يقرب جدا ، أو يكون الساعي قد أظلهما .

                                                                                                                                                                                        وقال أبو محمد عبد الوهاب : إذا لم يقصدا الفرار ، زكاها الساعي على ما يجدها عليه من اجتماع أو افتراق . ويقبل قول أربابها ؛ لأن الظاهر أنهم يفعلون ذلك للارتفاق بالافتراق والاجتماع ، فيجب ألا يخالف ما ظهر ويصار إلى خلافه ؛ إلا بأمارة تقوي التهمة .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه - : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ولا يجمع بين متفرق ، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة" خطاب للمالكين أن لا يفعلوا ذلك خشية الصدقة وليس يفهم منه وقت يحملون فيه على التهمة في الفرار . والأصل في الزكوات أنها إلى أمانات أربابها ، فيجب أن يوعظوا حسب ما ورد في الحديث ألا يقصدوا لذلك ، ويحملون فيما فعلوه أن ذلك لغير الفرار . وإن كانا من أهل العدالة فهو أبين ، إلا أن يعلم أنهم رجعوا بعد مضي الساعي بالأمر القريب إلى ما كانوا عليه قبل أن يأتيهم فذلك تهمة ، ويؤخذون بما عادوا إليه على قول من حمل الحديث على الوجوب ، إلا أن يعلم أن ذلك لأمر حدث .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية