فصل [في الساعي يأتي وقد قامت الغرماء]
وقال في كتاب ابنه فيمن سحنون : إنه يرجع بالثمن كله ؛ لأن الرد بالعيب نقض بيع ، فالزكاة على البائع ، ولو ردت قبل أن يأتيه المصدق ، ثم جاء وهي عند البائع ، زكاها على حولها الأول ؛ لأن الرد بالعيب نقض بيع . ولو زكيت عند المشتري ثم فلس فأخذها البائع ، فكذلك الزكاة على البائع ، وكأن الشاة أخذت عن البائع ؛ لأنا نقضنا البيع ورددناها على الملك الأول . اشترى أربعين شاة فأقامت في يده حولا ، فأخذ منه المصدق شاة ثم ردها بعيب
ولو جاء الساعي وقام الغرماء لأخذها ربها ؛ لأنه أدرك ماله فهو أحق به ، [ ص: 1069 ] ويأخذ منه الساعي شاة عن البائع . ولو هرب بها المشتري عن الساعي ، ثم أتى بعد حولين وفلس فإن أخذها صاحبها زكاها الساعي شاة واحدة عن البائع ، ولو أسلمها البائع زكاها الساعي بشاتين عن العامين جميعا ؛ لأن الدين لا يرد زكاة الماشية .
ولو تماوتت إلا شاة واحدة ، كان البائع أحق بها ، ولا سبيل للساعي عليها . قال محمد : فذكرت له ما قال بعض أصحابنا : إن الساعي أحق بهذه الشاة إذا كان الغريم غير بائع الغنم ، فأجازه . قلت له : قال بعد ذلك : إن الساعي أحق بها وإن كان الغريم هو بائع الشاة إذا كانت من الأربعين ، قال : ليس كما قال . قلت : فلو ماتت كلها واشترى هذه الشاة أن الساعي أحق بها ، قال : أصاب . قلت : فإن كان عليهم عين دين يحيط بماله تحاص الغريم والساعي ، قال : ليس كما قال ، والساعي أحق . قلت قال : فإن كان الغريم هو بائع الشاة كان أولى بها من الساعي إذا لم تكن من الأربعين التي هرب بها ، قال : أصاب .
قال الشيخ - رضي الله عنه - : أما ما اختلفا فيه إذا كانت الشاة من غنم البائع ، هل يكون البائع أحق بها ، أو الساعي ؟ فإن ذلك راجع إلى الاختلاف ، هل أخذ [ ص: 1070 ] البائع لما باعه به في الفلس نقض بيع ، أو ابتداء بيع ؟ فجعله نقض بيع وأنها إنما تزكى على ملك البائع إذا كان نصابا ، وجعله الغير كابتداء البيع ، فيكون الساعي أحق بها ؛ لأنه يزكيها على ملك المشتري . سحنون
وأما إذا ماتت الأولى واشترى هذه الشاة بعينها ، فينبغي أن يكون الغريم أحق بها ؛ لأن كل ما فرط في زكاته حتى صارت الزكاة في ذمته لا يبدأ بالزكاة على الغرماء ، ولا يحاص بها ، وهذا قد هرب بماشيته سنين فصارت الزكاة في الذمة ، وهذه الشاة ليست من التي هرب بها . ويؤخذ من قول الغير ها هنا : أن . [ ص: 1071 ] الزكاة إذا كانت في الذمة يحاص بها الغرماء