فصل [في لباس المحرم وتطييبه]
ومن المدونة قال مالك : أكره المفدم بالعصفر للنساء والرجال أن يحرموا فيه ؛ لأنه ينتفض . وكرهه للرجال في غير الإحرام .
قال الشيخ - رضي الله عنه - : يستحب للمحرم لباس البياض ، وهو في المصبوغ على ثلاثة أوجه :
جائز إذا اخضر وازرق ، أو ما أشبه ذلك .
وممنوع إذا كان بالورس ، أو الزعفران ، أو ما أشبه ذلك مما هو طيب ، [ ص: 1147 ] فإن فعل افتدى . ويجوز إن كان معصفرا غير مفدم .
وكره المفدم لأنه ينتفض ، وقال أشهب في المجموعة : لا فدية عليه إن فعل ، ولم يره من الطيب المؤنث .
ولا بأس بما كان مصبوغا بورس أو زعفران إذا غسل حتى ذهب لونه ، وإن ذهبت الرائحة وبقي اللون كره ، ولا فدية فيه ؛ لأنه لم يكن ممنوعا لعينه وإنما ذلك لريحه ؛ لأنه طيب .
ولا يحرم في ثوب فيه رائحة الطيب ، وإن لم يكن فيه عين الطيب ، قال محمد : إن كثرت الرائحة افتدى .
وهذا صحيح ؛ لأن المنع ألا يتطيب ، والمراد من الطيب ريحه ، ولو جعل في ثوبه طيبا قد قدم وذهب ريحه لم تكن فيه فدية .
وقال مالك في كتاب ابن المواز : ولا ينام على مصبوغ بورس ولا زعفران ، فإن فعل افتدى ، إلا أن يغشيه بثوب كثيف .
يريد : لأن الجلوس عليه لباس . ولو كان ثوبا كثيفا ، وظهر ريحه بعد ذلك ، وعلق بجسمه ريح لافتدى .
قال مالك : ولا بأس بالمزعفر لغير المحرم ، وكنت ألبسه . [ ص: 1148 ]
وقال : في الحديث في النهي "أن يتزعفر الرجل" : هو أن يلطخ جسده بالزعفران .
قال : وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان يصبغ ثيابه كلها والعمامة بالزعفران" .
قال الشيخ - رضي الله عنه - : الحديث في المحرم ألا يلبس شيئا مسه ورس ولا زعفران ، دليل على جوازه لغير المحرم ؛ لأنه لو كان ممنوعا في الجملة لم يخص به المحرم ، وإنما يذكر في ذلك ما يشترك فيه حكم المحرم من غيره .
والمرأة كالرجل في اجتناب الطيب ، والصغير كالكبير في الإحرام ؛ فيجرد ، ويجنب لباس المخيط ، ويحسر عن رأسه ، ويجنب لباس الخفين والشمشك .
قال مالك في المدونة : ولا بأس أن يحرم بهم وفي أرجلهم الخلاخل ، وعليهم الأسورة . [ ص: 1149 ]


