الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في أهل الحرب تردهم الريح إلى بلد غير الذي أخذوا فيه الأمان]

                                                                                                                                                                                        ومن المدونة قال مالك في الروم ينزلون للتجارة بساحل المسلمين بأمان ، فيبيعون ، ثم يركبون البحر راجعين إلى بلادهم ، ثم تردهم الريح إلى بلد من بلاد المسلمين غير الذي أخذوا فيه الأمان ، قال : لهم الأمان ما داموا في تجرهم ؛ حتى يرجعوا إلى بلادهم . [ ص: 1363 ]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن الماجشون في الواضحة : هو آمن حتى يبعد من بلاد الإسلام ، ويقارب حوزه ومأمنه ، فيصير عند ذلك كمن لا عهد له . فمن لقيه من أهل ذلك السلطان الذي كان أمنه ، أو في رجوعه إليه إن رجع مغلوبا بريح أو غير مغلوب ، أو نزل للماء وشبهه . وأما من لقيه من غير ذلك السلطان الذي أمنه ؛ فهو كمن لا أمان له .

                                                                                                                                                                                        وكذلك ، المستأمن في ثغور المسلمين في غير تجر إذا قضى حاجته ، ثم رجع إلى بلده فانسدت عليه الطرق بثلج أو غيره ؛ فهو على أمانه ما كان قرب المكان الذي أمن فيه ، إلا أن يصيبه ذلك بقرب بلده ، وبعد أن فارق مخاوف الإسلام . انتهى قوله .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله- : أما إذا كان فارق مخاوف الإسلام في بر أو بحر ، وصار إلى حوزهم ، والمواضع التي يطلب المسلمون فيها الأمان ؛ كانوا فيئا لمن أخذهم هناك ، وكذلك إن لقيهم في حوز المسلمين غير من كان عقد لهم الأمان ؛ لأن الأول إنما أعطاه الأمان على عمله ، ليس على عمل غيره . ولا يجوز أن يعطي على عمل غيره إذا كان لا يأتمر له .

                                                                                                                                                                                        وأما إن ردته الريح بعد أن بلغ بلده ؛ فالصواب أن يكون آمنا ؛ لأن في ذلك تنفيرا لهم ، وقد يظنون أن العقد الأول باق لهم ، وأن ذلك نقض عليهم .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية