باب في الصيد يند من صاحبه
وإذا ند صيد لرجل ، فأخذه آخر: فإن كان تأنس عند الأول، وأخذه الثاني قبل أن يتوحش كان للأول قولا واحدا.
واختلف إذا كان أخذ الثاني له بعد أن توحش، أو كان ندوده من الأول قبل أن يتأنس على ثلاثة أقوال:
فقال مرة: هو للآخر، وبه أخذ مالك . ابن القاسم
وقال مرة: إذا ند بعد أن تأنس كان للأول، وإن كان أخذ الآخر له بعد أن توحش، وإن ند قبل أن يتأنس عند الأول كان للثاني. وبه قال . ابن الماجشون
وقال محمد بن عبد الحكم : هو للأول، وإن لم يتأنس عند الأول لا يزول ملكه عنه، وإن أقام عشرين سنة . وهو أبين; لأن الأول قد تقرر ملكه عليه بنفس أخذه، وانفلاته لا يزيل ملكه، بمنزلة لو غصب منه، أو [ ص: 1495 ] كان عبدا فأبق.
واختلف إذا فقال كان في يد الأول بشراء ثم ند وتوحش، ثم صاده آخر: محمد : هو للآخر. وقال الشيخ أبو القاسم بن الكاتب : هو للأول. وشبهه بمن أحيا مواتا، ثم دثر، ثم أحياه آخر أنه للثاني، إلا أن يكون الأول باعه، ثم دثر عند المشتري، وأحياه آخر أنه للمشتري. وهذا قياس صحيح، والأمر في الصيد أبين لوجهين: أحدهما أن إحياء الموات فيه معنى الشرط، أنه إنما يكون لك ما دمت محييا له، وإلا فالإمام أو غيرك أحق به، والصيد ليس كذلك.
والثاني وهو أبينها: أن الصيد لم يسرحه من أخذه طوعا، وإنما غلب عليه، ففر بنفسه، والموات تركه حتى دثر، ونحن لا نختلف أنه لو سرح الصيد بنفسه لكان لمن أخذه، ولو غلب على الموات، وحيل بينه وبينه بغصب حتى دثر- لم يسقط ملكه عنه، ولم يكن لمن أحياه بعده.
واختلف بعد القول أنه إذا توحش فهو للآخر فإذا اختلف صاحبه وأخذه: فقال صاحبه: ند مني من يوم أو يومين. وقال آخذه: لا أدري .
فقال : هو للآخر، وعلى الأول البينة، ولا ينزع بشك . ابن القاسم
وقال هو للأول، والبينة على من هو في يديه . وهذا أحسن; [ ص: 1496 ] لأن ملك الأول تقرر، فلا يزول بشك، ولا يملكه الآخر بشك، وهو يقول: لا أدري. ولو ادعى الثاني التحقيق، وأنه طال زمانه- لوجب أن يكون للأول; لأنه إذا أشكل ما قالا- بقي على أصل الملك. [ ص: 1497 ] سحنون: