باب فيمن غصب شيئا فصاد به أو اضطر صيدا إلى دار أو حبالة
وقال في كتاب ابن القاسم محمد فيمن فالصيد لسيد العبد، وإن غصب فرسا، فصاد عليه كان الصيد له، ولصاحب الفرس أجرته . غصب عبدا، وبعثه يصيد له:
واختلف إذا غصب كلبا فصاد به: فقال : الصيد للمغصوب منه الكلب ، بمنزلة العبد . قال: وكذلك البازي . ابن القاسم
وقال : الصيد للغاصب كالفرس . أصبغ
وقول أنه كالفرس غير صحيح; لأن الفرس غير صائد، والصائد راكبه، والكلب هو الصائد، غير أنه قد يفرق بينه وبين العبد; لأن العبد يحصل منه النية للذكاة والأخذ جميعا، والكلب يحصل منه الأخذ خاصة. أصبغ
ولو صاد من غير إرسال; كان الصيد غير ذكي، ولما كانت الذكاة إنما تحصل من مرسله، ثم هو يتبعه ويذكيه إن أدركه لم تنفذ مقاتله كانت هذه عمدة; إذ بحصولها يكون الصيد ينتفع به، وبعدمها يكون ميتة. فيفرق بينه [ ص: 1498 ] وبين العبد بهذا.
وقول أحسن; لأن الكلب هو الآخذ والكاسب، وفعل الغاصب في ذلك تبع، فكان الحكم لأقواهما سببا، ويكون للغاصب بقدر تعبه. ابن القاسم
وإن غصب قوسا فصاد به كان الصيد للغاصب، وللآخر إجارة قوسه. وإن فكذلك الصيد له، وللآخر إجارة الحبالة . وإن نصبها مالكها، فأثار آخر صيدا فوقع فيها: فإن كان الذي أثاره قد أعياه بالطلب، وأشرف على أخذه، وكان قادرا عليه لو لم يقع فيها- كان له دون صاحب الحبالة، ثم ينظر في أجرتها: فإن كان الذي أثار الصيد لم يرها لم تكن عليه أجرة; لأنه كان في غنى عنها، وإن كان عالما ورده إليه; كان عليه الأجرة; لأنه قصد الانتفاع بها، وإن لم يكن أعياه، وانقطع منه كان لصاحب الحبالة. غصب حبالة فصاد بها
وإن لم ينقطع منه واضطره إليها، ولم يقدر عليه إلا بها كان فيها قولان: فقال : هما شريكان فيه، بقدر ما يرى . وقال ابن القاسم : هو لمن اضطره إليها، وعليه قيمة ما انتفع به من الحبالة، كمن رمى بسهم رجل فصاد به . [ ص: 1499 ] أصبغ
وهذا غير صحيح; لأن الحبالة أخذت بنصب صاحبها لها ، وليس كمن غصبها فنصبها، وكانت كالكلبين إذا تعاونا.
وعلى هذا يجري الجواب فيمن حفر حفيرا لصيد على ما تقدم من الحبالة، وليس الدار كذلك. فإن اضطر إنسان صيدا إليها كان لمن اضطره; لأن الدار لم تنصب لذلك، وإن انقطع منه كان لصاحب الدار. [ ص: 1500 ]