فصل [في الاشتراك في الضحايا وما يجزئ منها]
ومن المدونة قال : تجزئ الشاة الواحدة عن أهل البيت، وأحب إلي إذا كان يقدر أن يذبح عن كل نفس شاة. [ ص: 1548 ] مالك
ولا يجزئ عند أن يشترك القوم في الأضحية، فيخرج كل واحد منهم جزءا من الثمن; لأن كل واحد منهم إنما ذبح بقدر ما ملك منها. وأجاز أن يشرك أهله ; لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ذبح شاة، وقال: مالك . "هذه عني، وعمن لم يضح من أمتي"
وقال في كتاب مالك محمد : لا ينبغي أن يذبح أضحية عن نفسه وعن أجنبي تطوعا، ولا يدخل يتيمه في أضحيته، ولا يشرك بين يتيمين في أضحية، وإن كانا أخوين، وله أن يدخل في أضحيته إن شاء أهله وولده ووالديه الفقيرين، وإن كانا مليين، وضحى عنهما; فعن كل واحد منهما شاة. وأما جده وجدته; فكالأجنبيين لا يضحي إلا عن كل واحد بشاة، إلا أن تكون الجدة زوجة الجد فيدخلها في شاة، كما لو بعثها إلى جده، فذبحها الجد عن نفسه وعن زوجته، قال ابن ميسر : وذلك بإذن الجد . قال محمد : وكذلك إن ذبح عن جده وعمومته وعماته الصغار، الذين يدخلهم الجد في أضحيته من عياله . [ ص: 1549 ]
قال : وعلى الرجل أن يضحي عن أولاده الصغار الفقراء الذكور; حتى يحتلموا والإناث، حتى تزول نفقتهن عنه. ولو كانوا أملياء; لم يلزمه ذلك عنهم، إلا أن يشاء، وليس عليه أن يدخل في أضحيته من بلغ من ولده وإن كان فقيرا، إلا أن يشاء لسقوط نفقته عنه، فإن أدخله في أضحيته; أجزأ ذلك الولد، فقيرا كان أو مليا إذا كان في نفقة أبيه أو في بيته، وكذلك الصغير. ابن حبيب
قال: ولو أدخل في أضحيته من قد ضمه إلى عياله من أخ أو ابن أخ أو قريب فذلك يجزئ عنهم، ولا يجزئ إدخال الشريك والمرافق له في السفر ونحوه من الأجنبيين في أضحيته .
قال الشيخ - رضي الله عنه - : على خمسة أوجه: أضحية الإنسان عن غيره
أحدها: أن يضحي عمن تلزمه نفقته لقرابة.
والثاني: أن تكون قرابة، وهو متطوع بالنفقة.
والثالث: أن يكون متطوعا بالنفقة، ولا قرابة بينهم.
والرابع: أن تكون النفقة واجبة، ولا قرابة كالزوجة، ومن استأجره بنفقته.
والخامس: أن لا يكون في نفقته ، ولا قرابة. [ ص: 1550 ]
فالأول: أضحيته عمن تلزمه نفقته مع القرابة وهم: الولد إذا كانوا فقراء ذكورا صغارا وإناثا بالغات، لم يدخل بهن أزواجهن ، والأبوان إذا كانا فقيرين ; فهؤلاء عليه أن يضحي عنهم.
ثم هو بالخيار بين خمسة أوجه; بين أن يضحي عن كل واحد منهم بشاة، أو يشرك جميعهم في شاة، أو يدخل جميعهم في أضحيته، أو يدخل بعضهم في أضحيته ويشرك الآخرين في شاة، أو يضحي عن كل واحد منهم ممن لم يشركه في أضحيته بشاة.
والثاني: إذا كان متطوعا بالنفقة مع القرابة، كالولد والأبوين مع اليسر، وكالأجداد والأخ وابن الأخ والعم وابن العم، فكل هؤلاء إذا كانوا في جملته وفي نفقته; لم تلزمه الأضحية عنهم، وليس تطوعه بالإنفاق مما يوجب عليه الأضحية عنهم، وسواء كان الأجداد ومن ذكر بعدهم موسرا أو معسرا.
وإذا لم يكن عليه أن يضحي عنهم; فله أن يتطوع بذلك عنهم حسب ما تقدم في الفصل الأول، فيدخلهم في أضحيته أو بعضهم أو يشركهم في أضحيته، وأي ذلك فعل فإنه تسقط به الأضحية عن المنفق عليه، وإن كان موسرا ممن خوطب بالأضحية عن نفسه.
والثالث: إذا كان متطوعا بالنفقة، ولا قرابة بينه وبينهم، فلا يجوز له أن [ ص: 1551 ] يدخلهم في أضحيته، فإن فعل; لم يجزئه، ولم يجزئهم.
والرابع: إذا كانت النفقة واجبة من باب المعاوضة، كالذي يستأجر أجيرا بطعامه، فإن ذلك لا يوجب الأضحية، ولا يجوز أن يتطوع بأن يدخله في أضحيته. ويجوز مثل ذلك في الزوجة خاصة، ولا يجب عليه أن يضحي عنها; لأن وجوب نفقتها من باب المعاوضة عن الاستمتاع، ففارقت نفقة الولد والأبوين، وعليها أن تضحي عن نفسها، وأجيز له أن يدخلها في أضحيته لما شملها اسم الأهل.
والخامس: إذا لم يكن المضحى عنهم في جملة المضحي ولا في نفقته، فإنه لا يجوز له أن يدخلهم في أضحيته، وسواء كانوا أجنبيين أو قرابة، كالولد والأبوين تسقط نفقتهم عنه ليسرهم، ولم يتطوع بالإنفاق عليهم، فإن فعل; لم يجزئه ولم تجزئهم، وعلى جميعهم الإعادة. وقال فيمن ولد له يوم النحر أو في آخر أيام النحر وقد ضحى، فعليه أن يضحي عنه ، وكذلك من أسلم حينئذ، فعليه أن يضحي عن نفسه، بخلاف الفطر . [ ص: 1552 ] ابن حبيب