تنبيهات
الأول : قال في زاد المعاد : «كان- صلى الله عليه وسلم- إذا ذهب في سفر للحاجة انطلق حتى يتوارى عن أصحابه ، وربما يبعد الميلين ، وكان يستتر للحاجة بالهدف تارة وبحشائش النخل تارة وبشجر الوادي تارة ، وكان إذا أراد أن يبول في عزاز من الأرض- وهو الموضع الصلب- أخذ عودا من الأرض فنكث به حتى يثير التراب ، ثم يبول وكان يرتاد لبوله الموضع الدمث- وهو اللين الرخو من الأرض- وأكثر ما كان يبول وهو قاعد ، حتى قالت عائشة- رضي الله تعالى عنها- : من حدثكم أنه كان يبول قائما فلا تصدقوه ، وما كان يبول إلا قاعدا ، وقد روى مسلم في صحيحه من حديث حذيفة أنه بال قائما ، فقيل كان لبيان الجواز ، وقيل : بل لوجع كان بمأبضه وقيل بل فعله استشفاء .
قال الشافعي : والعرب تستشفي من وجع الصلب بالبول قائما .
وقول صاحب الهدي : «الصحيح . إنما فعله تنزيها وبعدا من إصابة البول» إلى آخره . فيه نظر ، بل البول قائما في المكان الصلب مما ينجس القدمين بالرشاش .
وكان إذا بال نثر ذكره ثلاثا ، وكان إذا سلم عليه أحد وهو يبول لم يرد عليه .
ذكره مسلم في صحيحه عن ابن عمر ، وروى البزار في مسنده في هذه القصة أنه رد عليه ثم قال :
«إنما رددت عليك خشية أن تقول : سلمت عليه فلم يرد علي سلاما؛ فإذا رأيتني هكذا فلا تسلم علي؛ فإني لا أرد عليك» .
وكان إذا استنجى بالماء ضرب بيده بعد ذلك على الأرض ، وكان إذا جلس لحاجته لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض .
الثاني : قول عائشة - رضي الله تعالى عنها- :
«من حدثكم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بال قائما فلا تصدقوه» محمول على من اعتقد أن ذلك كان عادة له- صلى الله عليه وسلم- ، وإلا فقد فعله- صلى الله عليه وسلم- مرارا لضرورة؛ إذ كان يغشاه الوفود والناس ، ويقوم بأمر الأمة ، فينزل به من ذلك ما يضر به الصبر إلى وصوله إلى بيته أو لا يستطيع إمساكه . [ ص: 20 ]
الثالث :
روى الطبراني في الأوسط بسند حسن عن عبد الله بن يزيد قال : «سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : لا ينقع بول في طست في البيت؛ فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه بول مستنقع» .
الرابع : في بيان غريب ما سبق :
المذهب- بميم مفتوحة فذال معجمة ساكنة فهاء مفتوحة وآخره موحدة ، مصدر ميمي بمعنى الذهاب .
البراز- بموحدة مفتوحة : الفضاء الواسع؛ كناية عن الخارج من الدبر .
التبوء- بمثناة مشددة فموحدة مفتوحتين فواو فهمزة مضمومتين؛ الاتخاذ .
والقرار الدمث بدال مهملة مفتوحة فميم مكسورة : اللين الرخو من الأرض .
فليرتد : فليطلب مكانا لينا؛ لئلا يرجع عليه رشاش بوله .
المرفق : بميم مكسورة فراء ساكنة ففاء فقاف : الكنيف .
الحذاء : بحاء مهملة مكسورة فذال معجمة ممدودة : النعل .
الهدف : بهاء فدال مهملة مفتوحتين ففاء ، كل بناء مرتفع مشرف .
الحايش : بحاء مهملة مفتوحة فألف فياء مثناة تحتية فشين معجمة . النخل الملتف المجتمع ، كأنه بالتفافه يحوش بعضه إلى بعض .
الإشاءتين- بهمزة مكسورة فشين معجمة فهمزة مفتوحة ففوقية فتحتية فنون تثنية إشاءة؛ وهي صغار النخل .
الخبث- بخاء معجمة وموحدة مضمومتين جمع خبيث ، والمراد ذكران الشياطين ، والخبائث جمع الخبيثة ، قال الشيخ في مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود : قال الخطابي : وعامة أصحاب الحديث يقولون : الخبث بسكون الموحدة ، وهو غلط ، والصواب : الخبث بضم الموحدة ، زاد في إصلاح غلط رواة الحديث فقال بعد أن ذكر أن أصحاب الحديث يروونه منه بإسكان الباء؛ ولذلك رواه أبو عبيد في كتابه بالضم ، قال الشيخ : واتفق من بعد الخطابي على تغليطه في تغليط المحدثين .
قال النووي في شرح مسلم : هذا الذي غلطهم فيه ليس بغلط ، ولا يصح إنكاره جواز الإسكان ، ولعل الخطابي ، أراد أن ينكر على من يقول : أصله الإسكان . انتهى ملخصا . [ ص: 21 ]
اللبن : بلام مفتوحة ، فموحدة مكسورة ، فنون : جمع لبنة ، وهو الطوب النيئ . سباطة- بضم السين المهملة بعدها موحدة ، هي المزبلة والكناسة تكون بفناء الدور .
كثيب أعجبه : بكاف مفتوحة فمثلثة مكسورة فتحتية فموحدة الرمل المستطيل المحدودب ، وأعجبه .
العيدان : بفتح العين المهملة : النخلة الطويلة .
الشعب- تقدم الكلام عليه . [ ص: 22 ]


