الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثاني في صلاته- صلى الله عليه وسلم- صلاة الضحى

                                                                                                                                                                                                                              وفيه نوعان

                                                                                                                                                                                                                              الأول : فيما ورد أنه صلاها :

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد ، ومسلم ، وابن ماجه ، والحارث بن أبي أسامة ، عن قتادة ، عن معاذة ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى أربعا ، ويزيد ما شاء» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو نعيم ، عن حنظلة الثقفي ، قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا ارتفع النهار وذهب كل أحد وانفلت الناس خرج إلى المسجد فركع ركعتين» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد- برجال ثقات- والطيالسي والنسائي في الكبرى بسند رجاله ثقات ، عن علي- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى» ورواه أبو يعلى إلا أنه قال : «كان يصلي من الضحى» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي عنه قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي حين يرتفع النهار ركعتين ، وقبل نصف النهار أربع ركعات ، ويجعل التسليم في آخره .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسدد عن رميثة قالت : «رأيت عائشة- رضي الله عنها- صلت الضحى ثمان ركعات» وفي رواية له «كانت عائشة تصلي الضحى فتطيلها» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن حبان ، عن عائشة قالت : «دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بيتي فصلى الضحى ثمان ركعات» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسدد ، والنسائي في اليوم والليلة ، عن زاذان أبي عمر عن رجل من الأنصار قال : «رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى ذات يوم ، فلما فرغ قال : «اللهم اغفر لي ، وتب [ ص: 303 ] علي ، إنك أنت التواب الغفور» قالها مرة أو أكثر من مائة مرة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة ، عن حذيفة- رضي الله تعالى عنه : «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الضحى ثمان ركعات في حرة بني معاوية» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أحمد بن منيع ، عن الحسن ، أو الحسين- رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الضحى ، وقال : «من صلاها بني له بيت في الجنة» ، وأظنه قال : «غفر له ما كان في ساعات النهار من ذنب» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد- برجال الصحيح ، عن عتبان بن مالك- رضي الله تعالى عنه- : «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى في بيته سبحة الضحى» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني بسند حسن عن جبير بن مطعم- رضي الله تعالى عنه- أنه رأى «رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد- برجال ثقات- عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في سفر صلى سبحة الضحى ثمان ركعات الحديث» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار من طريق عبد الله بن شبيب ، عن سعد بن أبي وقاص- رضي الله تعالى عنه- قال : «صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بمكة يوم فتحها ثمان ركعات يطيل فيها القراءة والركوع» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني بسند جيد عن جابر- رضي الله تعالى عنه- أنه رأى «رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى بمكة ست ركعات» .

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني- برجال ثقات- عن أم هانئ- رضي الله تعالى عنها- قال : «لما كان فتح مكة دعا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بماء وسترت أم هانئ ، وأم سليم ، أم أنس بن مالك بملحفة . ثم دخل بيت أم هانئ فصلى الضحى أربع ركعات» . [ ص: 304 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عنها بسند حسن «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- دخل عليها يوم الفتح فصلى سنة الضحى ست ركعات» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار من طريق يوسف بن خالد السمتي عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان لا يترك الضحى في سفر ولا غيره» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني من طريق سعيد بن مسلمة الأموي عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : «رأينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى ست ركعات ، فما تركهن بعد ذلك» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام مالك ، والشيخان ، عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب ، وفي رواية ، مولى أم هانئ بنت أبي طالب أن أم هانئ- رضي الله تعالى عنها- أخبرته : أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى عام الفتح ثمان ركعات ملتحفا في ثوب واحد» .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه الحارث بن أبي أمامة ، من طريق الليث بن سعد ، عن أبي مرة بلفظ : «أخذ ثوبه فالتحف به ، ثم صلى ثمان ركعات سبحة الضحى» .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه أبو الحسن الضحاك ، عن كريب- مولى ابن عباس- عن أم هانئ- رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى يوم الفتح سبحة الضحى ثمان ركعات يسلم بين كل ركعتين» .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه مسلم ، وأبو بكر البرقاني ، عن ابن أبي ليلى قال : ما أخبرنا أحد «أنه رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى غير أم هانئ ، فإنها ذكرت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح اغتسل في بيتها ، وصلى ثمان ركعات خفافا لم أره صلى مثلهن إلا أنه يتم الركوع والسجود» .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه مسلم ، وأبو الحسن بن الضحاك ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، قال : [ ص: 305 ] سألت وحرصت على أن أجد أحدا من الناس يخبرني أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى سبحة الضحى فلم أجد أحدا يحدثني بذلك غير أم هانئ بنت أبي طالب ، أخبرتني : «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أتى بعد ما ارتفع النهار يوم الفتح ، فأتي بثوب فستر عليه فاغتسل ، ثم قام فركع ثماني ركعات لا أدري أقيامه فيها أطول ، أم ركوعه ، أم سجوده ؟ وكل ذلك منه متقارب قالت فلم أره سبحها قبل ولا بعد» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو الحسن بن الضحاك ، فقال : هذا غريب لم يرو عن عائشة فيما يقال إلا من هذا الوجه عن رميثة قالت : «بت عند عائشة أم المؤمنين- رضي الله تعالى عنها- فلما أصبحت اغتسلت ، ودخلت بيتا ، وأجافت الباب دوني ، فقلت : يا أم المؤمنين إنما أقمت عندك لهذه الساعة ، فقالت : ادخلي فقامت فصلت ثمان ركعات ما أدري أقيامهن أطول أم ركوعهن ، أم سجودهن ؟ فلما سلمت ، قالت : يا رميثة إنني رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصليهن فلو نشدني أبواي على تركهن ما تركتهن» .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : فيما ورد أنه- صلى الله عليه وسلم- لم يصلها .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد ، وأبو يعلى ، من طريق عبد الله بن رواحة ، عن أنس بن مالك- رضي الله تعالى عنه- «أنه لم ير رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى الضحى قط ، إلا أن يخرج في سفر أو يقدم من سفر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد- برجال ثقات- عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال : «ما رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى الضحى إلا مرة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني ورجاله ثقات ، عن أبي أمامة أن سهل بن حنيف قال : «أول من صلى الضحى رجل من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يكنى أبا الزوائد» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار ورجاله موثقون ، وفي بعضهم كلام لا يضر عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «ما صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الضحى إلا يوم فتح مكة» . [ ص: 306 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية