ذكر إهلاله- صلى الله عليه وسلم- وفي أي مكان أهل :
اختلف في الموضع الذي أهل فيه- صلى الله عليه وسلم- .
فقيل : أهل من المسجد الذي بذي الحليفة ، فروى الخمسة عن سالم ، عن أبيه عن رضي الله تعالى عنهما- عبد الله بن عمر- وفي رواية الشيخين ، عن أنه- صلى الله عليه وسلم- أهل من عند المسجد ، يعني : مسجد ذي الحليفة ، قال : ابن عمر . بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها على [ ص: 454 ] رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إنما أهل من المسجد
روى عن الطبراني ، أبي داود المازني ، وكان من أهل بدر ، قال : ذي الحليفة ، فصلى فيه أربع ركعات ، ثم أهل في المسجد فسمعه الذين كانوا في المسجد فقالوا أهل من المسجد ، وأهل حين ركب راحلته ، فقال الذين عند المسجد أهل حين استوت به راحلته ، ثم لما استوى على البيداء أهل فسمعه الذين على البيداء فقالوا أهل من البيداء وصدقوا كلهم . خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فدخل مسجد
وقيل : أهل حين استوت به راحلته- صلى الله عليه وسلم- .
وروى الستة ، عن رضي الله تعالى عنه- قال : أنس- بذي الحليفة حتى أصبح ، فلما زالت راحلته واستوت به أهل . بات رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
وروى عن البخاري رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عباس- بذي الحليفة ، وركب راحلته حتى استوى على البيداء [أهل] هو وأصحابه» ورواه «فأصبح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من طريق آخر نحوه . الإمام أحمد
وروى من طريق مسلم زين العابدين بن علي بن الحسين ، من طريق والبخاري كلاهما عن عطاء ، رضي الله تعالى عنه- جابر- . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أهل حين استوت به راحلته»
وروى الشيخان من طريق عبيد بن جريج ، عن قال : ابن عمر . «أما الإهلال فإني لم أر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يهل حتى تنبعث به راحلته»
وروى من طريق مسلم ، عن موسى بن عقبة ، سالم ، عن أبيه قال : عبد الله بن عمر . «بيداؤكم التي تكذبون فيها ما أهل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلا من عند الشجرة ، حين قام به بعيره»
وروى من طريق الإمام أحمد ، أبي حسان : مسلم بن عبد الله البصري الأعرج ، من طريق والبخاري كريب ، كلاهما عن قال : ابن عباس بذي [ ص: 455 ] الحليفة ودعا براحلته فلما استوت على البيداء أهل بالحج» . «لما أصبح رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
وروى الشيخان ، عن جابر بن عبد الله . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أهل حين استوت به راحلته»
قال ابن كثير : وهذه الرواية المثبتة المفسرة عن أنه أهل حين استوت به راحلته مقدمة على الأخرى لاحتمال أنه أراد أنه أحرم من عند المسجد حين استوت به راحلته ، وتكون رواية ركوبه الراحلة فيها زيادة علم على الأخرى ، ورواية ابن عمر أنس وكذا رواية وجابر التي في الصحيح سالمات من المعارض ، قال : وهذه الطرق كلها دالة على القطع أو الظن الغالب أنه- صلى الله عليه وسلم- أحرم بعد الصلاة وبعد ما ركب راحلته وابتدأت به السير ، زاد ابن عباس ابن عمر . وهي مستقبلة القبلة .
قال : وما في الصحيح عن أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ابن عباس أصح وأثبت ، من رواية أهل حين استوت به راحلته خصيف الحروري ، عن سعيد بن جبير .
قلت : وجعل أبو جعفر الطحاوي والحافظ حديث هذا جامعا بين الأقوال ، وأورده ابن عباس ابن القيم ساكتا عليه .