ذكر المدينة وصول الأسارى إلى
قال حدثني ابن إسحاق : عبد الله بن أبي بكر ، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة قال : وسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عند آل عفراء في مناحتهم على عوف ومعوذ ابني عفراء ، وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب ، قال : تقول والله إني لعندهم إذ أتينا ، فقيل : هؤلاء الأسارى قد أتي بهم ، قالت : فرجعت إلى بيتي ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، وإذا سودة : أبو يزيد سهيل بن عمرو في ناحية الحجرة مجموعة يداه إلى عنقه بحبل ، قالت : فلا والله ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت : أي أبا يزيد ، أعطيتم بأيديكم ، ألا متم كراما . فوالله ما نبهني إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت : يا أعلى الله ورسوله تحرضين ؟ وقلت : يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما ملكت نفسي حين رأيت سودة أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت ، فاستغفر لي يا رسول الله ، فقال : «يغفر الله لك» . قدم بالأسارى حين قدم بهم ،
وقال رضي الله عنهما فيما ذكره أسامة بن زيد البلاذري : لما رأى سهيلا فقال : يا رسول الله ، هذا الذي كان يطعم الناس السريد ؟ يعني الثريد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هذا أبو [ ص: 66 ] يزيد الذي كان يطعم الطعام ، ولكنه سعى في إطفاء نور الله فأمكن الله منه» .
ولما دخل بالأسارى إلى المدينة فرقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ، وقال : استوصوا بالأسارى خيرا . وكان أبو عزيز بن عمير بن هشام أخو لأبيه وأمه في الأسارى ، قال مصعب بن عمير أبو عزيز : مر بي أخي ورجل من مصعب بن عمير الأنصار يأسرني فقال : شد يديك به فإن أمه ذات متاع لعلها تفديه منك ، فقلت : يا أخي هذه وصاتك بي ؟ فقال له إنه أخي دونك ، فسألت أمه عن أعلى ما فدي به أسير ، فقيل لها : أربعة آلاف درهم ، فبعثت بأربعة آلاف درهم ففدته بها . قال : وكنت في رهط من مصعب : الأنصار حين أقبلوا بي من بدر ، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر ، لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا ، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها ، قال : فأستحيي فأردها على أحدهم فيردها علي ما يمسها .