الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر إرساله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة إليهم واعترافهم برسالته

                                                                                                                                                                                                                              لما جاء محمد بن مسلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «اذهب إلى يهود بني النضير فقل لهم : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أرسلني إليكم أن اخرجوا من بلدي» .

                                                                                                                                                                                                                              فلما جاءهم قال :

                                                                                                                                                                                                                              إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني إليكم برسالة ، ولست أذكرها لكم حتى أعرفكم بشيء تعرفونه في مجلسكم ، فقالوا : ما هو ؟ قال : أنشدكم بالتوراة ، التي أنزل الله على موسى : هل تعلمون أني [ ص: 320 ]

                                                                                                                                                                                                                              جئتكم قبل أن يبعث محمد وبينكم التوراة فقلتم لي في مجلسكم هذا : يا ابن مسلمة إن شئت أن نغديك غديناك ، وإن شئت أن نهودك هودناك ، فقلت لكم : بل غدوني ولا تهودوني ، فإني والله لا أتهود أبدا ، فغديتموني في صحفة لكم ، وقلتم لي : ما يمنعك من ديننا إلا أنه دين يهود ، كأنك تريد الحنيفية التي سمعت بها ، أما إن أبا عامر الراهب ليس بصاحبها ، أتاكم صاحبها الضحوك القتال في عينيه حمرة ، ويأتي من قبل اليمن ، يركب البعير ، ويلبس الشملة ، ويجتزئ بالكسرة ، وسيفه على عاتقه ، ينطق بالحكمة كأنه وشيجتكم هذه ، والله ليكونن في قريتكم هذه سلب ، وقتل ، ومثل ، قالوا : اللهم نعم ، قد قلنا ذلك وليس به . قال : قد فرغت ،

                                                                                                                                                                                                                              إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني إليكم يقول لكم : «إنكم قد نقضتم العهد الذي جعلت لكم ، بما هممتم به من الغدر بي» .

                                                                                                                                                                                                                              وأخبرهم بما كانوا هموا به وظهور عمرو بن جحاش على البيت ليطرح الصخرة ، فأسكتوا ، فلم يقولوا حرفا .

                                                                                                                                                                                                                              ويقول : «اخرجوا من بلدي وقد أجلتكم عشرا ، فمن رئي بعد ذلك ضربت عنقه» ،

                                                                                                                                                                                                                              قالوا : يا محمد ، ما كنا نرى أن يأتي بهذا رجل من الأوس
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              قال محمد بن مسلمة : تغيرت القلوب .

                                                                                                                                                                                                                              فمكثوا على ذلك أياما يتجهزون ، وأرسلوا إلى ظهرهم بذي الجدر يجلب لهم ، وتكاروا من ناس من أشجع [إبلا] وجدوا في الجهاز .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية