الثامن : وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا [الأنفال : 44] وبين قوله تعالى : قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء [آل عمران : 13] فإن المعنى في ذلك أصح الأقوال أن الفرقة الكافرة ترى الفرقة المؤمنة مثل عدد الكافرة على الصحيح أيضا ، وذلك عند التحام الحرب والمسابقة ، فأوقع الله تعالى الوهن والرعب في قلوب الذين كفروا ، فاستدرجهم أولا بأن أراهم [ ص: 82 ] إياهم عند المواجهة قليلا ، ثم أيد المؤمنين بنصره ، فجعلهم في أعين الكافرين على الضعف منهم ، حتى وهنوا وضعفوا ، وغلبوا؛ ولهذا قال : لا تعارض بين قوله تعالى : والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار .
وروى ابن سعد وإسحاق بن راهويه وابن منيع ، عن والبيهقي ، رضي الله عنه قال : لقد قللوا في أعيننا يوم ابن مسعود بدر حتى قلت لرجل إلى جنبي : أتراهم سبعين ؟ قال : أراهم مائة ، فأسرنا رجلا منهم . فقلنا : كم أنتم ؟ قال : ألف .