التاسع عشر : اختلف في أبي جهل ، ففي صحيح قاتل في كتاب الخمس [ ص: 87 ] عن البخاري أن عبد الرحمن بن عوف معاذ بن عمرو بن الجموح ، ومعاذ ابن عفراء قتلا أبا جهل ، وفيه أيضا عن أن أنس انطلق لينظر ابن مسعود أبا جهل فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد -بفتح الموحدة والراء المهملة- أي مات ، أو صار في حال من مات ، ولم يبق فيه سوى حركة المذبوح ، وابنا عفراء هما معاذ ومعوذ ، بتشديد الواو .
وعند عن ابن إسحاق ، عن ابن عباس ، أنه ضرب عمرو بن الجموح أبا جهل ضربة أطنت قدمه ، ثم مر به معوذ ابن عفراء فضربه حتى أثبته وبه رمق ، ثم مر بأبي جهل وبه رمق فذكر ما سبق في القصة ، واحتز رأسه . عبد الله بن مسعود
قال في الفتح بعد ذكر حديث ابن عوف : عفراء : والدة معوذ واسم أبيه الحارث . وأما فليس اسم أمه معاذ بن عمرو بن الجموح عفراء ، وإنما أطلق عليه تغليبا ، ويحتمل أن تكون أم معاذ أيضا تسمى عفراء ، أو أنه كان لمعوذ أخ يسمى معاذا باسم الذي شركه في قتل أبي جهل ظنه الراوي أخاه ، وما رواه يجمع بين الأحاديث ، لكنه يخالف حديث ابن إسحاق ابن عوف أنه رأى معاذ ابن عفراء ومعاذ بن عمرو شدا عليه جميعا حتى طرحاه ، يقول : إن وابن إسحاق ابن عفراء هو معوذ ، والذي في الصحيح وهما أخوان ، فيحتمل أن يكون معاذ معاذ ابن عفراء شد عليه فتجتمع الأقوال كلها ، وإطلاق كونهما قتلاه يخالف في الظاهر حديث أنه وجده وبه رمق ، وهو محمول على أنهما بلغا به بضربهما إياه بسيفيهما منزلة المقتول ، حتى لم يبق إلا مثل حركة المذبوح ، وفي تلك الحالة لقيه ابن مسعود فضرب عنقه . ابن مسعود
وأما ما ذكره ابن عتبة وأبو الأسود عن أن عروة : أنه وجد ابن مسعود أبا جهل مصروعا بينه وبين المعركة غير كثير ، متقنعا في الحديد واضعا سيفه على فخذه ، إلى آخر ما ذكر في القصة ، فيحمل على أن ذلك وقع بعد أن خاطبه كما تقدم .