ذكر منام رسول الله صلى الله عليه وسلم
روى والشيخان ابن إسحاق والنسائي وابن ماجة عن والبيهقي رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أبي موسى الأشعري مكة إلى أرض بها نخل ، فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر ، فإذا هي المدينة : يثرب ، ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا - وفي لفظ سيفي ذا الفقار - فانقطع صدره - وفي لفظ : رأيت - وفي لفظ أريت - أني أهاجر من أحد رأيت في ذباب سيفي ثلما - فإذا هو ما أصيب به المؤمنون يوم ، قال : وكان الذي رأى بسيفه ما أصاب وجهه . وقال عروة ابن هشام : وأما الثلم في السيف فهو رجل من أهل بيتي يقتل ، ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان ، فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع كلمة المؤمنين ، ورأيت فيها والله خيرا ، رأيت بقرا تذبح والله خير ، فإذا هو النفر من المؤمنين يوم أحد ، وإذا الخير ما جاء الله به من الخير بعد ، وثواب الصدق الذي آتانا الله بعد يوم بدر .
وروى الإمام أحمد والنسائي ، عن والبيهقي رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عباس : وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد ، قال : وكان مما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ قبل أن يلبس الأداة ، إني رأيت أني في درع حصينة ، فأولتها المدينة ، وأني مردف كبشا فأولته كبش الكتيبة ، ورأيت أن سيفي ذا الفقار فل فأولته فلا فيكم ، ورأيت بقرا تذبح فبقر ، والله خير ، فبقر والله خير ابن عباس . تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر ، قال
وروى الإمام أحمد والطبراني والحاكم عن والبيهقي رضي الله تعالى عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أنس . رأيت فيما يرى النائم كأني مردف كبشا ، وكأن ظبة سيفي انكسرت ، فأولت إرداف الكبش أننا نقتل كبش القوم ، وأولت كسر ظبة سيفي قتل رجل من عترتي ، فقتل حمزة ، وقتل طلحة بن أبي طلحة وكان صاحب اللواء
وروى الإمام أحمد والنسائي والدارمي بسند صحيح عن والضياء المقدسي رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : جابر بن عبد الله . «رأيت أني في درع حصينة ، ورأيت بقرا تنحر . فأولت الدرع الحصينة المدينة ، وأن البقر بقر ، والله خير »
[ ص: 185 ] وروى الطبراني ، عن والبزار رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عباس . لما نزل أبو سفيان وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : إني رأيت في المنام سيفي ذا الفقار انكسر ، وهي مصيبة ، ورأيت بقرا تذبح ، وهي مصيبة ، ورأيت علي درعا وهي مدينتكم لا يصلون إليها ، إن شاء الله تعالى
وروى عن البيهقي قال : يقول رجال : كان الذي رأى بسيفه الذي أصاب وجهه . ابن شهاب
قال ابن عتبة وابن إسحاق وابن سعد وغيرهم : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الرؤيا ليلة الجمعة ، فلما أصبح جاء أصحابه ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ، ثم ذكر الرؤيا لهم وقال : إن رأيتم أن تقيموا بالمدينة ونجعل النساء والذرية في الآطام ، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام ، وإن دخلوا علينا قاتلناهم في الأزقة فنحن أعلم بها منهم ، ورموا من فوق الصياصي والآطام ، وكانوا قد شبكوا المدينة بالبنيان من كل ناحية فهي كالحصن ، وكان هذا الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم رأي الأكابر من المهاجرين والأنصار ، وكان عبد الله بن أبي يرى رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال جماعة من المسلمين غالبهم أحداث لم يشهدوا بدرا ، وطلبوا الشهادة وأحبوا لقاء العدو ، وأكرمهم الله تعالى بالشهادة يوم أحد : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا ، لا يرون أنا جبنا عنهم ، فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة ولا تخرج ، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط إلا أصاب منا ، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه ، فدعهم يا رسول الله ، فإن أقاموا بشر مجلس ، وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجوههم ، ورماهم الصبيان بالحجارة من فوقهم ، وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاءوا . فقال ، حمزة بن عبد المطلب ، وسعد بن عبادة والنعمان بن مالك في طائفة من الأنصار : إنا نخشى يا رسول الله أن يظن عدونا أنا كرهنا الخروج إليهم جبنا عن لقائهم ، فيكون هذا جرأة منهم علينا ، وقد كنت يوم بدر في ثلاثمائة رجل ، فظفرك الله تعالى عليهم ، ونحن اليوم بشر كثير ، قد كنا نتمنى هذا اليوم وندعو الله تعالى به ، فساقه الله تعالى إلينا في ساحتنا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لما يرى من إلحاحهم كاره ، وقد لبسوا السلاح .
وقال إياس بن أوس بن عتيك ، نحن بنو عبد الأشهل ، إنا لنرجو أن نكون البقر المذبح .
وقال غيره : هي إحدى الحسنيين : الظفر أو الشهادة ، والله لا تطمع العرب في أن تدخل علينا منازلنا . وقال : والذي أنزل عليك الكتاب لا أطعم اليوم طعاما حتى أجالدهم بسيفي [ ص: 186 ] خارج حمزة المدينة . وكان يوم الجمعة صائما ويوم السبت صائما .
وقال النعمان بن مالك : يا رسول الله لا تحرمنا الجنة ، فوالذي نفسي بيده لأدخلنها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لمه ؟ » قال : لأني أحب الله تعالى ورسوله - وفي لفظ : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله - ولا أفر يوم الزحف . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «صدقت » . فاستشهد يومئذ ، وحث مالك بن سنان الخدري وإياس بن عتيك وجماعة على الخروج للقتال فلما أبوا إلا ذلك صلى - صلى الله عليه وسلم - الجمعة بالناس فوعظهم ، وأمرهم بالجد والاجتهاد ، وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا ، ففرح الناس بالشخوص إلى عدوهم ، وكره ذلك المخرج بشر كثير . ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بالناس وقد حشدوا ، وحضر أهل العوالي ، ورفعوا النساء في الآطام . ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته ومعه أبو بكر رضي الله تعالى عنهما ، فعمماه وألبساه ، وقد صف الناس له بين حجرته إلى منبره ، ينتظرون خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء وعمر سعيد بن معاذ وأسيد - بضم الهمزة وفتح السين المهملة - ابن حضير - بضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة - فقالا للناس : استكرهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلتم له ما قلتم ، والوحي ينزل عليه من السماء ، فردوا الأمر إليه ، فما أمركم به فافعلوه ، وما رأيتم له فيه هوى ورأيا فأطيعوه . فبينما هم على ذلك إذ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد لبس الدرع فأظهرها ، وحزم وسطه بمنطقة من حمائل سيف من أدم ، واعتم ، وتقلد السيف ، وندم الناس على إكراهه ، فقالوا : يا رسول الله استكرهناك ، ولم يكن لنا ذلك ، فإن شئت فاقعد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم ، ولا ينبغي لنبي إذ لبس لأمته أن يضعها ، حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه - وفي رواية : حتى يقاتل - انظروا ما أمركم به فاتبعوه ، امضوا على اسم الله تعالى ، فلكم النصر ما صبرتم .
ووجد مالك بن عمرو النجاري - ويقال : بل هو محرر بمهملات ، قال الأمير : وزن محمد ، وقال : آخره زاي معجمة وزن الدارقطني مقبل بن عامر النجاري - قد مات ، ووضعوه عند موضع الجنائز ، فصلى عليه ، ثم دعا بثلاثة رماح فعقد ثلاثة ألوية ، فدفع لواء الأوس إلى ، ولواء أسيد بن حضير الخزرج إلى حباب بن المنذر ، ويقال : إلى ، ودفع لواء المهاجرين إلى سعد بن عبادة ، واستخلف على علي بن أبي طالب المدينة على الصلاة بمن بقي في ابن أم مكتوم المدينة .