ذكر إرسال الله تعالى النعاس على المسلمين الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
روى الإمام أحمد والبخاري والحاكم عن أبي طلحة والبخاري عن أنس عن أبي طلحة ، قال أبو طلحة : كنت فيمن يغشاه النعاس يوم أحد حتى سقط سيفي من يدي مرارا من النعاس ، الذي ألقاه الله تعالى عليهم أمنة منه ، يسقط وآخذه ، وجعلت أنظر وما منهم أحد إلا وهو يميد تحت حجفته من النعاس .
وروى الطبراني في الأوسط عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : ألقي علينا النوم يوم أحد .
وروى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : آمنهم الله تعالى يومئذ بنعاس غشاهم ، وإنما ينعس من يأمن .
وروى ابن جرير ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : النعاس عند القتال أمنة من الله ، والنعاس في الصلاة من الشيطان .
وروى محمد بن عمر الأسلمي عن أبي اليسر - بفتح التحتية والسين المهملة - واسمه كعب بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه قال : لقد رأيتني يومئذ في أربعة عشر رجلا من قومي [ ص: 205 ] إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصابنا النعاس أمنة منه ، ما منهم أحد إلا يغط غطيطا ، حتى أن الحجف لتتناطح ، ولقد رأيت سيف بشر بن البراء بن معرور سقط من يده ، وما يشعر ، حتى أخذه بعد ما تثلم ، وأن المشركين لتحتنا .
وروى الإمام إسحاق بن راهويه عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : والله إن النعاس ليغشاني . وفي رواية : لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حين اشتد علينا الخوف ، وأرسل علينا النوم ، فما منا أحد إلا وذقنه في صدره ، فوالله إني لأسمع كالحلم قول معتب بن قشير :
«لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا » فحفظتها ، فأنزل الله تعالى في ذلك : ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة إلى قوله : ما قتلنا ها هنا [آل عمران 154 ] كقول معتب بن قشير .
قال محمد بن إسحاق : أنزل الله تعالى النعاس أمنة منه لأهل اليقين ، فهم نيام لا يخافون ، والذين أهمتهم أنفسهم أهل النفاق في غاية الخوف والذعر .


