ذكر نهيه صلى الله عليه وسلم عن طروق النساء وإخباره بعض أصحابه بما وقع له
روى محمد بن عمر ، عن رضي الله عنهما قال : كنت رفيق جابر بن عبد الله في غزوة عبد الله بن رواحة المريسيع ، فأقبلنا حتى إذا انتهينا إلى وادي العقيق في وسط الليل ، فإذا الناس يعرسون فقلنا : أين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : تقدم الناس وقد نام ، فقال لي عبد الله بن رواحة : يا جابر ، هل لك بنا في التقدم والدخول على أهلنا ؟ فقلت : يا أبا محمد ، لا أحب أن أخالف الناس ، لا أرى أحدا تقدم . قال ابن رواحة : والله ما نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التقدم . قال جابر : فقلت : أما أنا فلست ببارح . فودعني وانطلق إلى المدينة ، فأنظر إليه على ظهر الطريق ليس معه أحد ، فطرق أهله بني الحارث بن الخزرج ، فإذا مصباح في وسط بيته ، وإذا مع امرأته إنسان طويل ، فظن أنه رجل ، وسقط في يديه ، وندم على تقدمه ، وجعل يقول : الشيطان مع الغر ، فاقتحم البيت رافعا سيفه وقد جرده من غمده يريد أن يضربهما ، ثم فكر ، فغمز امرأته برجله فاستيقظت فصاحت وهي توسن فقال : أنا عبد الله فمن هذا ؟ قالت : رجيلة ماشطتي ، سمعنا بقدومكم فباتت عندي ، فبات ، فلما أصبح خرج معترضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه ببئر أبي عنبة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسير بين وبشير- بوزن أمير- ابن سعد ، أبي بكر الصديق
فالتفت [ ص: 354 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بشير فقال : «يا أبا النعمان» ، قال : لبيك إن وجه عبد الله ليخبرك أنه قد كره طروق أهله . فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خبرك يا ابن رواحة ؟ » فأخبره كيف تقدم ، وما كان من ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تطرقوا النساء ليلا» .
قال : فكان ذلك أول ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم . جابر
ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مؤيدا منصورا ، [وكانت مدة غيبته شهرا إلا ليلتين] .